شبكة قدس الإخبارية

مسيرات كفرقدوم.. 9 سنوات وصاحب الحق لا يتنازل عن حقه

v4qjxtttt4dj
إيمان شواهنة

فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: وحدة مسؤولة عن الإطارات، وأخرى ترقب تحركات الجيش ونصبه ونصبه للكمائن، ثالثة تجمع الحجارة، والأخيرة تجهز الأعلام والأقنعة، ومع انتهاء صلاة الجمعة، يخرج المتظاهرون السلميون في كفرقدوم إلى الشارع الرئيسي في القرية، والذي أغلقه الاحتلال، بذريعة "دواع أمنية".

 في العام 2011، بدأت كفرقدوم مسيرتها في "الكفاح السلمي"؛ لفتح الشارع الذي يصل القرية بمدينة نابلس المجاورة.

على قمة الجبل يقف الجنود متمترسون بالأسلحة، وبين الفينة والأخرى يلقون القنابل الغاز المسيل للدموع، ثم الرصاص المطاطي، فالرصاص الحي، اتجاه المتظاهرين على الشارع أسفل الجبل، أما الشبان فسلاحهم "حجارة ومقليعة وإطار سيارة والحامي الله" بهذه الكلمات عبّر الناشط أوس عامر عن مسيرة الجمعة في القرية.

تكتيك عسكري

يقول عامر "كما يتعاملون معنا بتكتيك عسكري، كذلك نفعل نحن، قبل يوم الجمعة تبدأ التجهيزات الأسبوعية: المجموعة الأولى من الشبان، يتنشرون بين البيوت القديمة والأراضي الزراعية؛ ليتأكدوا من خلو المنطقة من الكمائن". 

ويوضح ناشطون في القرية أن الكمائن هي أماكن يختبأ بها جيش الاحتلال، كالبيوت المهجورة، أو البيوت المأهولة، حيث يجمع جيش الاحتلال أهل المنزل في غرفة واحدة ويمنعهم من التواصل والخروج من المنزل، ومع تقدم الشبان إلى الأمام يخرج الجيش من المنزل "فجأة" ويحاول أن يعتقل المتظاهرين، إضافة إلى اختباء الجنود بين أشجار الزيتون، مع ارتداء ملابس تحجبهم عن أعين المتظاهرين.

ويروي أوس عامر مشهد كمين كان جنود الاحتلال قد حاولوا من خلاله أن يمسكوا بالشبان، حيث دخل خمسة جنود ليلًا إلى أحد المنازل واحتجزوا أهله حتى موعد المسيرة في اليوم التالي، ومع تقدم الشبان إلى منطقة قريبة من الجنود، خرجوا من المنزل، ولحقوا بالشباب، إلا أنهم تمكنوا من الهرب، باستثناء رجل خمسيني، لحق به أحد الجنود، "ركضنا خلف الجندي، وعندما شرع بضرب الرجل الخمسيني بسلاحه، هجمنا على الجندي، فهرب باتجاه المستعمرة"!

"أما المجموعة المسؤولة عن الإطارات، فتبدأ بتجميعها قبل أيام، وهذا الجزء أكثر وسيلة ضغط للجيش". ويصف عدنان إرباك الإطارات للجنود ومحاولتهم التخلص منها " نضع الشوك، أو الزيت، حتى  نصعب عليهم مهمة التخلص منها، وكان جنديان يحضران عصا ويحملان الإطار الواحد من كلا الاتجاهين" يتابع عامر.

"فَقدتُ عيني فداء للوطن"

كغيره من أيام الجمعة، خرج عدنان –أحد الشبان الناشطين- إلى المسيرات الأسبوعية، لكن هذه المرة قرر أن يصعد إلى الجبل ويصل إلى نقطة أقرب في المواجهات، وما إن صعد حتى باغتته رصاصة اخترقت عينه، شعر عدنان أن جسمًا صلبًا قد لمس عينه، لكنه لم يعي إصابة عينه إلا بعد أن رأى الدم على يديه.

يقول عدنان "بعد أن أدركت إصابتي، لاحظت أن الجنود يركضون باتجاهي، فاتجهت إلى الشباب في الخلف وأخبرتهم بإصابتي".

مازال علاج عدنان مستمرًا، ولم يفقد الأمل في أن يعود النور إلى عينه ، فتوجه إلى ثلاث مستشفيات، حتى وصل عمان أخيرًا، ليقرر الطبيب إفراغ العين تحضيرًا للعملية التجميلية لها، ليتلاشى أمله نهائيًا. يقول عدنان "أجلت إكمال تعليمي خمس سنوات، نظرًا لتنقلي وانشغالي بعلاج عيني، إلا أنني مستمر في المشاركة في المسيرات الأسبوعية ولو كان لمدة عشر سنوات مقبلة".  

التماسك والالتزام لإنجاح المسيرات

"مع بدء التجمع للمسيرة يتقدم ذو الأعمار الصغيرة من الشباب للصفوف الأمامية، نظرًا لتمكنهم من الركض السريع في حال تقدم الجيش باتجاه المتظاهرين"، يصف أوس عامر مشاهد الكر والفر في المسيرة، " ترجع الصفوف الأمامية للخلف، حيث يكون الساتر الترابي ويصبح الأكبر سنًا في المقدمة، ثم يعود الشبان إلى الصفوف الأمامية مرة أخرى، وهكذا مرة تلو الأخرى".

ويبين عامر أن التقدم والتراجع يكون بناء على صراخ أحد الناشطين عن تنظيم المسيرة "ياشباب ما تتدخلوا هذه الطريق، فلا أحد يدخلها، أي أن الوحدة والالتزام هي سبب نجاح المسيرات الأسبوعية".

ردع وتأديب!

"جندي أمسك بي، وأنا أحاول الهرب، ونجحت في ذلك"، استيقظ نايف خليل في تلك الجمعة، بعد أن راوده هذا الحلم، على رائحة مخبوزات والدته، ليقرر أن تكون قوته بعد عودته من المسيرة، لكن الاعتقال منعه أن يتذوقها! يقول خليل عن لحظات الاعتقال "بدأ الجيش يرمي بقنابل الغاز والدخان ثم تراجع الجيش مسافة 200 متر، تقدمت أنا والشباب لإغلاق الطريق حتى لا تمر الآليات العسكرية، رأينا الجيش أمامنا، وآثرنا الرجوع عندما يتقدمون أكثر، لكن الكمين الذي أعده الجنود منعنا، حيث أصبحنا مطوقين بهم من كل الجهات".

انشغال خليل بإغلاق الطريق منعه من الهرب إلى الاراضي الزراعية كما فعل المتظاهرون، "مسكني أحد الجنود وحاولت الهرب، لكن الحجارة المنتشرة على الأرض، عرقلت هروبي، وجلس فوقي أحد الجنود وشرع في ضربي".

"بعد التوقيف في "كدوميم، نقلونا إلى مركز تحقيق، وهناك كان الصراخ والتهديد المتواصل لي، لأعترف أنني رميت الحجارة على الجيش" يكمل خليل.

يبين ناشطون في القرية أن أكثر الأساليب التي يحاول الجيش أن يتبعها بين الذين تم اعتقالهم ، "محاولة الإيقاع بين الذين تم اعتقالهم جماعيًا"، يقول عدنان "عندما اعتقلت، حاول المحقق أن يقتعني  أن صديقي قد اعترف أنني أشارك في المسيرات، وأن صديقى سيرجع للمنزل، وأنا سأبقى في السجن، إذا لم أعترف".

كما يوضح أوس عامر أن جيش الاحتلال يحاول أن يغير أسلوبه بعد الفينة والأخرى، حيث اعتمد في البداية "الاعتقال الجماعي للمتزوجين، والضغط عليهم بعائلاتهم في التحقيق". ويؤكد عامر فشل هذا الأسلوب جعل الجيش يحاول أساليب أخرى "التحقيق العسكري ونقل المعتقلين إلى المكسوبية والجلمة وهي مراكز للقضايا الكبيرة مقارنة بالتظاهر السلمي"!

التحقيق الميداني والضرب والصراخ هو أسلوب آخر اتبعه الاحتلال لكف المتظاهرين عن الخروج في المسيرات يوضح عامر "في كل فترة يقتحم الجنود المنزل، ويحققون معي ميدانيًا ويعتدون عليّ بالضرب، وعندما لا أكون في المنزل يهددون عائلتي، وذات مرة وضع ضابط المخابرات رصاصة أسفل وسادتي، وأخبر والدي أن القتل مصيري، إذا لم أسلم نفسي"

ويصف أوس عامر إحدى الأيام التي دخل فيها الجيش إلى منزله "أحد الجنود وضع وسادة على فمي وكتم أنفاسي، وجنديان قيدوا يدي، وثالث جلس على بطني، ثم خرجوا من المنزل وتركوني".

حماية القرية

 يؤكد ناشطون في كفرقدوم لـقدس الإخبارية، أن هذه المسيرات التي انطلقت قبل عشر سنوات، شكلت حماية للقرية من "عربدة المستوطنين والجيش".

ويقول نايف خليل "أقل ما فيها المسيرات غيرت خوف الناس من الجيش"، ويتابع أوس عامر "في السابق كان الجيش والمستوطنون يدخلون القرية في وضح النهار، ويسيرون في الطرقات، الآن "طفل الروضة" يقف بوجههم ولا يخشاهم"!

وينوّه أمين سر حركة فتح مشهور جمعة في حديثه مع قدس الإخبارية "في الوقت الذي نسمع فيه عن تخريب المستوطنين في القرى المجاورة، وحرقهم السيارت والمنازل، في المقابل فإن المستوطنين لا يجرؤن على دخول كفرقدوم".

 ويبين مشهور أن القرية تكبدت خسائر بشرية ومادية، من اعتقالات وإصابات، "لكن نحن نعتبرها ليست خسائر بل إنجاز للقرية".

ويختم جمعة مشهور حديثه بدعوة القرى التي تتعرض للهجمات المستوطنين لتبني المقاومة الشعبية، ويضيف "لا تحقق المقاومة الشعبية إنجازات كبيرة، لكنها تحمي الأرض من اعتداءات المستوطنين". 

#الاحتلال #مسيرة #كفرقدوم