شبكة قدس الإخبارية

الانتخابات الإسرائيلية وضم الأغوار

9fc3ab9716dcc4227f3fb56b9bd378e7
أشرف بدر

يرى بعض المحللين بأن الإعلان عن طرح "خطة ترامب" أو "صفقة القرن" قبل الانتخابات الإسرائيلية سيزيد من احتمالية فوز نتنياهو في الانتخابات، على اعتبار أن نتنياهو قد طرح في برنامجه الانتخابي ضم الأغوار ويتوقع أن تتضمن خطة ترامب تقنين هذا التوجه، فهل توجد علاقة بين زيادة احتمالية فوز نتنياهو وطرح خطة تتضمن الضم.

بداية لا بد من الإشارة إلى أنّ الحركة الصهيونية دأبت على اتباع سياسة الضم التدريجي في تعاملها مع المناطق المستعمرة عام 1967، ولم تتوقف عن انتهاجها فهي تبدأ بمصادرة الأراضي، والتحكم الإداري بها تمهيدًا للضم القانوني الذي يتم استكماله فيما بعد.

وأوضح مثال على ذلك السياسة التي اتبعتها في القدس والجولان، حيث تم العمل على ضمهما بشكل تدريجي وفصلهما عن بقية المناطق المستعمرة عام 1967، وتم "تقنين" ذلك فيما بعد عبر قانون القدس الكبرى عام 1980 وقانون الجولان عام 1981.

فيما يتعلق بالأغوار فقد عملت إسرائيل على إفراغ المنطقة من السكان بشكل تدريجي عبر التضييق عليهم، وفرضت أمراً واقعاً عبر زرع المستوطنات في الأغوار أطّر الوزير يغال ألون لذلك عبر خطته التي نصت على الإبقاء على الأغوار تحت السيادة الإسرائيلية.

وتناغمت اتفاقية أوسلو مع روح خطة ألون عبر تقسيم المناطق المستعمرة عام 1967 (أ، ب، ج) ليتم تصنيف الأغوار تحت مسمى مناطق ج التي تتبع للإدارة الإسرائيلية المباشرة (دون وجود وسيط فلسطيني).

فالسيناريو يتكرر سياسة الأمر الواقع ضم إداري ثم ضم "قانوني" وهذا يعني بأنه لم يتبقى أمام القيادة السياسية الإسرائيلية سوى اتخاذ القرار بالضم "القانوني"، بعد أن تم تمهيد الأرضية لذلك.

والسؤال هنا: هل الإعلان عن ضم الأغوار سيزيد من احتمالية فوز نتنياهو؟

إذا نظرنا لاهتمامات الناخبين الإسرائيليين فسنجد بأنها تتوزع على محورين اثنين (الأمن والاقتصاد) حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع اهتمام الناخب الإسرائيلي بالتسوية السلمية ومستقبل الأراضي المستعمرة عام 1967، وبالتالي فإنّ الاعلان عن ضم الأغوار لا يدخل ضمن دائرة اهتمام الإسرائيليين القاطنين في المدن الإسرائيلية (هم أيضاً مستوطنين) ومن المتوقع ألا يؤثر بشكل ملموس على موازين القوى.

ماذا عن أصوات المستوطنين في أراضي العام 1967 (يبلغ عدد المستوطنين في الضفة والجولان والقدس ما يقارب المليون ) بالاستناد إلى نتائج الانتخابات السابقة كانت الأصوات تذهب لأحزاب اليمين، وبشكل أساسي لحزب الليكود.

إذا ماذا سيستفيد نتنياهو انتخابياً في حال أعلن عن الضم (وهو أصلاً ضامن لهذه الأصوات) هنا لا بد أن ننتبه إلى تسلسل الأحداث، نتنياهو أعلن عن نيته لضم الأغوار كضربة استباقية، بعدما تسربت أخبار تفيد بأن منافسه الرئيسي غانتس (حزب أزرق أبيض)، ينوي الاعلان عن خطة لضم الأغوار كجزء من دعايته الانتخابية، وبهدف كسب جزء من أصوات المستوطنين التي كانت تذهب بالعادة في معظمها لليكود.

الخلاصة:

حاول غانتس الاستيلاء على جزء من كعكة الأصوات التي يتمتع الليكود بالحصة الأكبر منها والمتمثلة بأصوات المستوطنين، لكن نتنياهو سبقه إلى ذلك وأفشل خطة غانتس، وبما أن مستقبل المناطق المستعمرة عام 1967 لا يقع ضمن دائرة اهتمام معظم الناخبين (وإنما يتركز الاهتمام على الاقتصاد والأمن)، فمن غير المتوقع أن يؤثر هذه القرار بشكل جذري على توجهات الناخبين.

 أما إعلان ترامب عن خطة تتضمن الاعتراف بضم الأغوار فمن غير المتوقع أيضاً أن تؤثر بشكل جذري، فإعلانه السابق بالاعتراف بالقدس كعاصمة والسيادة على الإسرائيلية على الجولان لم يحسم المعركة لصالح نتنياهو، فهل سيؤثر ضم الأغوار (التي أصلاً واقعة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة) بشكل جذري على توجهات الناخبين من غير المستوطنين في أراض العام 1967 لا أظن ذلك.