شبكة قدس الإخبارية

حناتشة .. الأسير الذي غابت ملامحه ولم تعرفه زوجته وابنته

PicsArt_01-17-08.31.03
فاطمة محمد أبو سبيتان

رام الله المحتلة- قدس الإخبارية: ذهبت للمحكمة لأول مرة بعدما اعتقل، دخلت القاعة في "عوفر"، بحثت عنه، للوهلة الأولى لم أتعرف عليه، عشر ثوان، ثم جاءني صوته "بيان.. أنا هنا".

كان جسده هزيلا، متعبا، وجهه مصفرا، لحيته "منتفة" وكذلك شعره، كدمات وآثار تعذيب بدت على وجهه ورقبته، كم كان صعبا رؤية وليد بهذا الشكل، تقول بيان زوجة الأسير وليد حناتشة لقدس الإخبارية.

لكنه رغم الألم والوجع الذي ألم بجسده، إلا أنه كان يردد في الدقائق القليلة التي حدث فيها زوجته داخل القاعة "انتو مناح؟ انتو مناح؟ أموركم بخير؟"، كان يريد الاطمئنان على العائلة فقط متناسيا محنته ووضعه الصعب.

اعتقال همجي ..

بداية الحكاية، كانت حينما باغتتهم قوات من جيش الاحتلال وعناصر من جهاز "الشاباك" ليلة الثالث من شهر تشرين أول/ أكتوبر 2019، مقتحمة المنزل "بطريقة سيئة وهمجية لم تراع فيها حرمة المنزل، لنجدهم فوق رؤوسنا"، تقول حناتشة.

وتضيف لقدس الإخبارية: "لم يتسن لنا تغيير ملابسنا حتى، كانوا فوق رؤوسنا، أمسكوا بوليد (51 عاما) وضربوه وخبطوا رأسه بالحائط، ثم كبلوه، وغادروا بعدما فتشوا المنزل وعاثوا فيه تدميرا وخرابا، وقلبوه رأسا على عقب".

وانقلبت باعتقاله حياة بيان (زوجته) وابنتيه ميس (21 عاما) وملك (12 عاما)، اللتين حرمتا سابقا من وليد حينما كانتا طفلتين ما بين سجون الاحتلال في الاعتقال الإداري المرير.

منذ عام 2012 وحتى عام 2019 لم يتم اعتقال الأسير وليد حناتشة، وكانت حياته وحياة عائلته مستقرة، فقد كان يعمل مديرا ماليا في لجان العمل الصحي، وكان يحب عمله كما توضح بيان، وتضيف: "وليد حنون جدا، ومحبوب، ويخدم الجميع، كما أنه هادئ وخفيف الدم، كل صفاته تلك أفتقدتها أنا وميس وملك".

اعتقل الاحتلال ابنته ميس لمدة ثلاثة أيام كي يتم ابتزازه بها، ورآها في إحدى جلسات التحقيق. ابنتاه شديدتا التعلق به وهو أيضا، كان دائما ما يشاركهما الحديث والنقاش والأعمال الأكاديمية والدراسية، ويحب أيضا أن يخرج مع العائلة في نزهات ورحلات ممتعة.

تعذيب خلال التحقيق

لمدة 45 يوما لم تعرف عائلة حناتشة عن وليد أي معلومة، حيث منع من زيارة المحامي، باستثناء ما كان يصلهم من خلال الشبان داخل مركز "المسكوبية" (غرب القدس) أن وليد يتنقل عبر كرسي متحرك، وأنه تعرض لتعذيب شديد.

بعد أول محكمة تمديد لوليد (أي بعد نحو خمسين يوما من الاعتقال) ذهبت بيان لرؤية زوجها حيث لم تتعرف عليه بسبب التعذيب وقالت: "دخلت أبحث عن وليد، كان هناك شخص واحد في القاعة، لم أعرفه أبدا، ويبدو أنه تدارك الأمر ونادى علينا أنا وميس.. جسد لا يقوى على الوقوف، رقبته زرقاء اللون، صوته مبحوح، لحيته منتفة، ولمدة دقيقتين فقط حدثنا وحدثناه".

زيارته في سجن "عوفر"

تقول بيان إن الزيارات الأولى لوليد كانت صعبة نوعا ما، وكأن الاحتلال يريد معاقبة وليد من خلال التنكيل بهم، فابنته ميس ممنوعة من زيارته، وفي إحدى المرات تم منع إدخال الملابس له، كما تم تأخير زوجته وابنته ملك لمدة ربع ساعة بسبب التفتيش وتم اقتطاعها من مدة الزيارة، إلى جانب منعهما من الدخول في الفوج الأول وتأجيلهما للدخول مع الأفواج اللاحقة.

وتؤكد أن زوجها يعاني جراء التعذيب الذي تعرض له، فعينه متعبة، وهناك أوجاع شديدة في ظهره فهو يعاني من الديسك وقد قدموا عدة تقارير طبية في ذلك، مبينة أن المحققين كانوا يتعمدون ضربه على ظهره ما فاقم حالته.

كغيره من الأسرى، يطالب الأسير حناتشة إدارة السجن بعلاجه، وهي بدورها تماطل في ذلك.

اليوم، تم نشر صور مسربة من سجون الاحتلال للأسير حناتشة، والتي تظهر حجم التعذيب الذي تعرض له في "المسكوبية" على يد محققي الاحتلال. 

"الشاباك" كان قد أعلن أن الأسير وليد حناتشة مسؤول عن تمويل خلية تابعة للجبهة الشعبية التي نفذت عملية (عين بوبين) تفجير عبوة قرب مستوطنة "دوليف" قرب قرية دير ابزيع غربي رام الله، في شهر آب/ أغسطس عام 2019، ما أدى لمقتل مستوطنة وإصابة اثنين آخرين.