شبكة قدس الإخبارية

أسرلة التعليم في القدس .. الجهات الفلسطينية تتعامى   

أسرلة-التعليم-924x535
عنان نجيب

شهدت مدينة القدس المحتلة إغلاقاً مرتقباً لمدرستين تابعتين للقطاع الخاص وذلك بعد إيقاف بلدية الاحتلال الاعتراف بهما وعدم تلقي العاملين رواتبهم. الخروج عن الخدمة بدأ مطلع الأسبوع في ظل الحديث عن قضية فساد ليست بالجديدة منذ استحداث وزارة المعارف وبلدية الاحتلال نظام المقاولات بالتعليم في القدس المحتلة.  

قرابة 500 طالب مقدسي لن يسمح لهم بالحضور إلى المدرسة وذلك بعد الإعلان عن إغلاق مدرستين الأولى مدرسة "الوعد الصادق" التي تملكها سيدة الأعمال، أمل أيوب. 

هذه المدرسة تعتبر من أوائل المدارس الخاصة التي طالبت بتطبيق منهاج التعليم الإسرائيلي "البجروت" منذ ما يقارب عشر سنوات ولم تكن مفروضة عليها. 

سيدة الأعمال أيوب من الداخل المحتل، تملك أيضاً المدرسة الثانية "الفرسان"، بفارق وحيد هو أنها تطبق المنهاج الفلسطيني لكن بطواقم تعليم غير مهنيّة علمياً في ظل انعدام أدنى مقومات البيئة الدراسية الناجحة.

منذ اليوم الأول للإعلان عن إغلاق هاتين المدرستين باشرت بلدية الاحتلال التواصل مع أهالي الطلبة من أجل توفير مقاعد دراسية بديلة لهم، من دون أي تحرك يذكر من قِبل مديرية التربية والتعليم الفلسطينية لاحتواء الـ500 تلميذ، إذ تركتهم فريسة لبلدية الاحتلال في وقت سيجبرون فيه على تلقي تعليمهم في مدارس تطبق منهاج "البجروت" الإسرائيلي.

وفي وقت يحضر فيه السؤال عن دور التربية الفلسطينية والهيئات واللجان والمؤسسات التي تقدم نفسها على أنها العاملة ورأس الحربة الوطنية في معركة التعليم في القدس، يأتي بيان وزارة التربية والتعليم، أمس، الداعية إلى إعادة "فتح المدرستين بشكل عاجل" من دون الإشارة إلى مناهج التعليم المعتمدة منذ عقد من الزمن.

ليس سراً أن مدارس مديرية التعليم الفلسطيني تتسع لاحتواء هؤلاء الطلبة حيث تنتشر مدارس الأوقاف في كافة أنحاء القدس وتعاني أغلبها من انخفاض بعدد الطلبة وذلك لفقدان ثقة المقدسيين بالأجهزة الإدارية التابعة لسلطة رام الله والتي توصف ببؤر الفساد، وسيطرة الفشل على نتائجها في ظل عدم اكتراث التربية الفلسطينية بتنمية وتوفير بيئة تعليمية وحاضنة تربوية، بالإضافة إلى ضعف التواصل مع أولياء الأمور، ما انعكس على علاقاتها مع أهالي القدس وأفقدتها الأدوات الشعبية لاحتواء أو مواجهة أي طارئ يخص طلبة القدس.

منذ نحو عامين والمدينة تشهد جلسات وورشات عمل لوضع خطة وطنية شاملة تحافظ على الأقل على ما تبقى من التعليم في القدس. هذه الجلسات تضم التربية الفلسطينية والهيئات الوطنية والمؤسسات الأهلية المعنية بالتعليم، لكنها كانت بغالبيتها مضيعة للوقت وبعثرة للجهد إذ لم تستطع تلك الجلسات "المكوكية" من محاسبة مدرسة خاصة واحدة على تسريبها محنطات فلسطينية سُلمت لمتحف صهيوني أو حتى وقف برنامج تطبيعي واحد بأي من المدارس الخاصة. 

من هنا لا يمكن الحديث عن الحرب الطاحنة والتحدي الأكبر وهو مواجهة أسرلة التعليم في مدارس القدس. استغل بعض المشاركين في تلك الجلسات واللجان المسمى الوطني لمشاركتهم من أجل صياغة مشاريع عمل تقدم عربياً وأوروبياً من أجل الحصول على منح مالية بغالبيتها تحت مسمى "تعزيز الديمقراطية وتطوير المناهج بما يتناسب مع روح العصر وتقبل الآخرين".

في ظل تفاقم الوضع، قدم بعض "الحاقدين" مذكرة إلى وزارة التربية الفلسطينية في سبيل حذف بعض محتوى  المنهاج الفلسطيني "على ندرته" من آيات كريمة تتعلق بالإيمان والعلاقة مع الأديان الأخرى واعتماد نظرية التطور كما تدرس لطلبة القدس.

المعركة متشابكة إلى حد أن كارثة أسرلة المناهج لا تنعزل عن أي ملف مرتبط بأصل الوجود الفلسطيني. هذه المعركة تحتاج إلى برنامج وطني شامل تتبناه كل القوى المؤثرة في القدس من فعاليات وحراكات شعبية إلى قوى وفصائل وطنية وإسلامية لها حيثية على الأرض، وهذا لن يتحقق في ظل عدم اكتراث المؤسسة الرسمية الفلسطينية في القدس وحالة الانقسام والتشرذم الفلسطيني الحاصلة والمتحصلة.