شبكة قدس الإخبارية

لن يغلق باب الرحمة

81939591_505640996740030_4093251086041743360_n
زياد ابحيص

عمل الاحتلال منذ 17 عاماً على عزل باب الرحمة ومحيطه عن الأقصى، بقرار قضائي عام 2003 بإغلاق مبنى باب الرحمة، وتوجيه الاقتحامات لتصبح الساحة الشرقية قبلتها، والحفاظ على الردم المتراكم عائقاً أمام المصلين، ومحاولة منع تمديدات الصوت والإنارة من الوصول إلى هناك، ثم بمعاقبة من يدخلها بالاعتقال والإبعاد، وبوضع نقطة شرطة فوق مبنى باب الرحمة في شهر 7-2018، وصولاً إلى وضع قفلٍ حديدي على بابه الخارجي في 17-2-2019.

جاءت هبة باب الرحمة عقب وضع الشرطة القفل على باب الرحمة من الخارج لتبدد الوهم، ولتضع حداً لستة عشر عاماً من "النفس الطويل" و"التخطيط الهادئ"، ولتقول بغضبة جماهيرية كاسحة بأن باب الرحمة جزء لا يتجزأ من الأقصى؛ ودون ذلك تهون الدماء والأنفس والأموال والأولاد، فلم يكن من شرطة الاحتلال إلى أن رضخت صاغرة، وابتلعت مرارتها بصمت يوم الجمعة 22-2-2019 حين فتحت جماهير القدس ذلك المبنى العتيق وأعادته إلى حالته الأصلية، مكاناً للصلاة والعبادة وذكر الحق الأحد.

في اليوم التالي لفتح باب الرحمة بدأت محاولات الصهاينة الالتفاف على هذا النصر، بالتعويل على الزمن من جديد، وعلى طول النفس؛ فاعتقل كل حارس يفتح بابه، واعتقل عماره من المرابطين والمرابطات وأبعدوا عنه، لكن عائلات القدس هبت لنجدة الحراس ففتح أبناؤها الأبواب، وتوالى المرابطون في سباق تتابع، يبعد واحد ليأتي غيره، وفشل الاحتلال في معركة النفس الطويل من جديد.

جاء رمضان ليتعزز الإنجاز، فُرش مصلى باب الرحمة بالسجاد، ووضعت خزائن المصاحف، ووضع فاصل بين صفوف الرجال والنساء، ووضعت خزانة أحذية، والاحتلال يرقب بغيظٍ يتعاظم. بعد رمضان بدأ الاحتلال يخوض حربه على الرموز التي يظنها هي التي تجعل باب الرحمة مصلىً: على السجاد فيدوسه جنوده بالأحذية، وعلى خزانة الأحذية يتسلل جنوده كل ليلة لسرقتها في مهمة "كوماندوز" عظيمة، وعلى الفاصل بين الرجال والنساء يقتحم المصلى كل أسبوعٍ للقبض عليه.

في موسم اقتحامات أعياد العرش المشؤومة حاول المحتل فرض قاعدة جديدة، فمنع المرابطين والمصلين من الاقتراب من المصلى خلال الاقتحامات، أو حتى من الزيتونة المطلة عليه من الخارج في صحن الأقصى، فكان الجواب لشهورٍ خلت بالرباط والصلاة والافطارات الجماعية وحلقات الذكر والقرآن، والاحتلال يرد بالاعتقال والضرب والإبعاد والملاحقة في الأرزاق.

 

اليوم يقف المحتل خائفاً متوجساً من مرور عام على عودة الحق لأهله: فها هنا نموذج ساطع لضعفه وتراجعه، ولقوة الفعل الشعبي رغم بساطة أدواته، ها هنا نموذج لحقٍّ استعاده أهله من القوة الغاشمة بالصدور العارية، وداوموا على الحفاظ عليه، ها هنا نموذج لأرض مستعادة يبدأ في الأقصى وقد ينتهي خارجه...

ها هنا وهم صهيوني متبدد عمره 17 عاماً، ها هنا فشل النفس البطيء والتعويل على الزمن، ها هنا يخسر من ظن يوماً أن حرب النفس الطويل لعبته...

يخشى المحتل أن يمر عام على نصر باب الرحمة، يخشى المحتل أن يتكرس الإنجاز بعودة الحق إلى نصابه على مدى عامٍ كامل، لذلك هو يخطط بكل الأدوات والسبل كي عيد إغلاق باب الرحمة قبل 22-2-2020 أو بحلوله، هذا الهدف ليس سراً ولا مؤامرةً خفية، ها هو أمامنا واضح ومكشوف للعلن ها هنا نصر ينتظر من يحميه... وها هنا حق انتزعناه ينتظر منا أن نحفظه... وها هنا بابٌ للنصر مشرع...