شبكة قدس الإخبارية

اتفاقية سيداو: أزمة النظام السياسي الفلسطيني

HJP0P
عبدالله شرشرة

صورة مزورة، تتضمن بنودا غير حقيقية في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أستشعر العديد من الفلسطينيين، إلى أن هناك الحملة ممنهجة للتحريض ضد سيداو، قائمة على تضليل الجمهور الفلسطيني حول بنودها، وقد تُوجت حملة التحريض هذه باجتماع بعض وجهاء مدينة الخليل وإصدارهم بيانا يطلب السلطة الفلسطينية بالانسحاب من الاتفاقية، والدعوة إلى إلغاء مرسوم رئاسي يحدد سن الزواج بثماني عشر عاما، إلى جانب تحريض على المنظمات النسوية الفلسطينية.

ففي العام 2014، أصبحت فلسطين أول دولة عربية تقدم طلب للانضمام لاتفاقية سيداو - بدون تحفظات – وقد ذكرت السلطة الوطنية الفلسطينية، أن ذلك قد جاء نظرا لكون النظام السياسي الفلسطيني نظام ديمقراطي، وأن لدى المجتمع الفلسطيني قناعة حقيقية ومتينة بالمساواة بين الرجل والمرأة وضمان منحها حقوقها وصونها، فضلاً أن المجتمع الفلسطيني مجتمع متماسك طائفياً وعرقياً ويقوم على أُسس قوية، كما ذكر سفير فلسطين في جنيف حينها.

ومن الطبيعي، أن تعترض بعض أطياف المجتمع الفلسطيني على بعض المواد في الاتفاقية، لأسباب دينية، أو اجتماعية، وفي أي مجتمع ديموقراطي يعتبر البرلمان واحداً من أهم جبهات النقاش المحتدم حول هذه القضايا، حيث تخضع هذه الاتفاقيات لمصادقة البرلمان، كما تترجم بنود الإتفاقية لقوانين، يتم نقاشها من قبل أعضاء البرلمان، ويتم التصويت عليها في قراءة أولةى وثانية، وثالثة في بعض الحالات، ونظرا لأن المجلس التشريعي في فلسطين قد فقد شرعيّته لأسباب عدة، وعطل ثم تم حلّه، فإنه قد غُيّب عن نقاش أزمة سيداو، والقارئ لمسار الأزمة يستشعر كأن القوى الفلسطينية الفاعلة قد قبلت تماما فكرة تغييبه.

إن أزمة الخليل، في ظاهرها قد تكون تحركا رجعيا مناهضا لحقوق المرأة إلا أنها ليست كذلك فقط، بل هي أيضا أزمة كل نظام لا يُخضع القوانين التي يٌشَرِعُها، أو المعاهدات التي ينضم إليها لنقاش مجتمعي، ولا يصادق على هذه المعاهدات عبر برلمان ديموقراطي ومنتخب، وقد تأخر هذا النظام في إقرار مرتبة الاتفاقيات والمعاهدات في نظامه القانوني، بالتالي فإن كُل ما يحصل هو طبيعي في ظل هكذا نظام.