شبكة قدس الإخبارية

الخوف قاتل يا جامعة بيرزيت

81
رولا حسنين

وما زلنا نقول، إن الاسم الذي اكتسبته جامعة بيرزيت ومعانيها المثالية، لم يكن عبثاً، ولم يكن وليد الموقع الجغرافي ولا تعاقب الإدارات عليها، إنما صنع اسمها طلابها الذين ما زالوا على عهد الأوفياء للوطن وللمجتمع، وبعض موظفيها الذين يطرقون الخزان كي لا يُدق في نعش النسيج الاجتماعي والشعبي والوطني آخر مسمار.

وما زلنا ننصدم بالقرارات الرسمية التي تخرج عن إدارة جامعة بيرزيت بما يتلخص بقضايا شعبية ويومية يعيشها الطلبة، وكذلك المجتمع الفلسطيني الذي يعوّل على الحرية في بيرزيت. ولن نسمح بأن تسقط آخر معاقل الاحرار في الضفة، ولن نسمح بأن يتم تهجينها بما يتساوق مع اتفاقيات الذل والعار التي وقتعها السلطة الفلسطينية والدول العربية مع الاحتلال.

يواصل طلبة جامعة بيرزيت وعلى رأسهم الكتل الطلابية الاعتصام المفتوح والاضراب، رفضاً لقرارات الجامعة المتعاقبة والتي كان آخرها قرار اخلاء الجامعة بعد تنفيذ الكتل الطلابية مظاهرة العسكرة احياء لانطلاقة الفصائل الفلسطينية، ستساءل البعض: لماذا العسكرة داخل الجامعة؟ وما أهميتها؟ ولماذا قررت جامعة بيرزيت رفض العسكرة، ولماذا يصرّ الطلبة عليها؟ ومن منطلق الخريج الذي ينتمي الى بيرزيت الجامعة الأبية التي قدّم طلابها معاني التضحية من شهداء وجرحى وأسرى، وكذلك بعض موظفيها، فإن المعضلة تكمن في قرار الجامعة منع مظاهر العسكرة، ما يعني إسكات آخر صوت شعبي ينادي بأهمية وضرورة المقاومة العسكرية من أجل التحرير، هذا يعني اعتياد الجيل الناشئ والقادم على أن وهم السلمية والسلام هو الحل في صراعنا مع الاحتلال.

 إن العسكرة تمثل امتداد ثوري يؤديه الطلبة في ظل اخماد العمل الثوري والمقاتل في الضفة الغربية على شكل قوى وطنية أو مجموعات ثورية، في ظل ما يُعرف بالتنسيق الأمني الذي يرعى أمن الاحتلال ولا يراعي وطننا المُحتل، انهاء العسكرة في جامعة بيرزيت يعني الحاق الجامعة بباقي جامعات الضفة  التي يُحظر عليها المشاركة أو القيام بهذه النشاطات لأنها تتبع للسلطة الفلسطينية راعية السلام مع الاحتلال.

لم يخطئ الطلبة في الوقوف أمام الجامعة وقراراتها، إنما فعلوا عين الصواب، ولكن الجامعة تصرفت بما لا يليق بها أن تقوم إدارة جامعة بيرزيت بمثل هذه التصرفات، كأن تقرر اخلاء الجامعة في ظل وجود امتداد طلابي كبير ينتظر مظاهر العسكرة ليجدد هويته الوطنية ويشعر بأن القضية الفلسطينية غير مشوّهة بادعاءات السلام، عدا عن قيامها بقطع خط الانترنت عن الجامعة في ظل وجود مظاهر عسكرة، وكأننا في دولة عربية يمارس حاكمها المنبوذ أقسى درجات الغباء لوقف النفس الحرّ المطالب بالحرية.

أما تنصّ الكراسات التعليمية في الجامعة على حرية الانتماء والممارسة، أما علمتنا أروقة الجامعة أن الفرد إن لم يكن حرّا دام عبداً، ألا تدرك جامعة بيرزيت أنها أمام جيل يتمرد على أي معطيات تُفرض عليه، بل ويكسرها إذا احتاج الامر الى ذلك؟؟!

ماذا خسرت جامعة بيرزيت لو أنها اجتمعت بممثلي الكتل الطلابية، وكشفت لهم أوراقها، وقالت لهم إنها تتعرض للضغط من الاحتلال، ماذا لو كان الحوار في البداية سيد الموقف بدل أن تصدر قراراتها وكأن الطلبة عليهم التنفيذ دون حتى حق النقاش في قرارات تطالهم وطنياً وشعبياً وثورياً وهوياتياً، أعتقد بل أجزم أن الجامعة لو أنها أطلعت الطلبة والكتل الطلابية بأية اخطار محدقة بها في حال وجود عسكرة، لرأت الطلبة يلتفون معها ويتشبثون بها، ولوجدت مقاومة باسلة منهم للحفاظ على جامعتهم من تهديدات الاحتلال، ولكن الجامعة وادارتها الحالية خسرت الطلبة وكافة الأحرار الذين كانوا يعوّلون على صمودها في ظل الجرف السلمي الذي ينهي قضيتنا.

وبما أن جامعة بيرزيت بدأت حربها مع الطلاب، دعونا نستحضر موقف ادارة الجامعة من الاعتقال السياسي الممارس ضد طلبتها، وموقفها من اعتصام الطلبة الملاحقين من قبل الاحتلال والسلطة، وموقفها من معتقل سياسي ذهب الى رئاسة الجامعة ليشرح لهم خطورة الاعتقال السياسي على الحياة الأكاديمية للطلاب، فقيل له على لسان المستوى الرسمي فيها: "أنا هون مش عيلتك لأسمعك وأحل مشاكلك، انت جايب الضرر لنفسك".

ثم ماذا عن اقتحامات مستمرة يقوم بها الاحتلال لحرم جامعة بيرزيت دون تحرك رسمي داخلي لحماية الجامعة من الاحتلال، هل باتت العسكرة هي الخطر، ماذا عن جامعات الاحتلال التي تُخرج ضباط الاستخبارات والموساد الصهيوني، وقادة الجيش الصهيوني الذي اتخذوا وما زالوا قرارات الإبادة ضدنا؟ ماذا عن معاهد الاحتلال الحربية التي تخرج العساكر ليقتلوننا؟ هل خشيت الجامعة من بيان أصدره الاحتلال!

جامعة بيرزيت عودي لرشدك، فربما ضللت الطريق، طلبتك يسيرون نحو البوصلة الصحيحة وليس آخر الشهداء فيكِ الشهيد محمد أبو غنام، وليس آخر الأسرى شذى حسن وميس أبو غزالة والقائمة تطول .. بالله عليكم لا تسلبوا أمجاد جامعة بيرزيت بخوفكم، فالخوف قاتل!.