شبكة قدس الإخبارية

نستعمل أوسلو للتخلص من أوسلو

-1346856089
عبد الستار قاسم

هناك من ينتقدنا (أي ينتقد فلسطين تجمعنا: قائمة الوطنيين المستقلين) بأننا نرفض اتفاق أوسلو، لكننا نخوض انتخابات تحت سقف أوسلو. أغلب الذين يوجهون هذا الانتقاد من أهل أوسلو، وتقديرنا أنهم يوجهونه من باب المناكفات وليس حرصا على الانسجام في الطرح الفكري للقائمة، وذلك لأننا شرحنا هذه المسألة مرارا وتكرارا في وسائل إعلام كثيرة. وهنا نكرر:

لا يوجد في قانون الانتخابات ما ينص على أن على المرشح أن يكون مؤيدا لاتفاق أوسلو لكي يتمكن من خوض الانتخابات. ولا يوجد في قانون الانتخابات ما يلزم المرشح بقرارات منظمة التحرير بشأن اتفاق أوسلو والتي لا تتمتع مجالسها بأي شرعية. ولو كان هناك ما يُلزم لما كانت انتخابات ديمقراطية. وإذا كان لعباس أن يصدر الآن قانونا بقرار بشأن هذه الأمور، فإن عمله غير شرعي وسيقضي على ديمقراطية العملية الانتخابية.

صحيح أن أوسلو هو الذي نص على إجراء انتخابات في مناطق السلطة الفلسطينية، وواضح أن السلطة لم تلتزم بما نص عليه القانون الأساسي للسلطة نفسها. كان من المفروض أن تجري انتخابات رئاسية عام 2009، وأخرى تشريعية عام 2010، ولم يحصل بسبب تمسك أهل أوسلو بكراسيهم التي قد تهددها الانتخابات الديمقراطية. كما أن خلافات الفصائل أثرت سلبا على انتظام الحياة السياسية للشعب الفلسطيني وأدخلت الناس في تيه شرعي وفوضى عامة. والمؤسف أن تصرفات المتنفذين الفلسطينيين من الطبقة السياسية لا تختلف عن تصرفات أهل الطبقة السياسية في البلدان العربية الأخرى. المتنفذ لا يجد نفسه إلا من خلال المنصب، وبدون المنصب يتقلص إلى وضعه الذي كان عليه ويفقد الكثير من الامتيازات التي اقتنصها من الشعب بغير وجه حق.

وبما أن الانتخابات وسيلة من وسائل التغيير، فإن قائمة فلسطين تجمعنا: الوطن للمستقلين الوطنيين تستغل أوسلو عسى أن تفوز بالانتخابات، وتتخلص بعد ذلك من أوسلو وتبعاته. القائمة ضد اتفاق أوسلو وما تمخض عنه من نتائج، وقد ألحق الاتفاق أضرارا بالغة وخطيرة بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والأخلاقية والمالية، وأهان القضية الفلسطينية أمام العالم، وفتح الباب واسعا أمام دول عربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وأثر سلبا بصورة خطيرة على الثقافة الوطنية للشعب الفلسطيني، والتخلص منه ومن أهله سيعيد القضية الفلسطينية إلى مكانتها البارزة في مختلف الساحات.

كما أن الاتفاق تسبب بخلافات حادة على الساحة الفلسطينية وصلت حد الاقتتال الدموي، وما زالت الأرضية مهيأة للمزيد من المشادات إن لم يحصل تغيير جذري. القائمة مع التغيير، وهي لا تنشد تغييرا بالقوة لما في ذلك من أخطار على الشعب والقضية، وإنما ترى في الانتخابات مدخلا للإطاحة بالطبقة السياسية المتنفذة، وتجديد العهد الفلسطيني وضخ دم جديد. ونحن نتوجه الآن إلى الناس ليغيروا الأوضاع بأصواتهم الانتخابية وليس بقوة بنادقهم. فهل سيتجاوب الناس مع طروحات التغيير، علما أن الدعايات المضادة ستكون مكثفة، وستدخل قوى عديدة لمنع التغيير على الساحة الفلسطينية بالأخص الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية ومن يواليهم من الفلسطينيين. وسيقولون للناس إن القيادات الجديدة إن فازت سيفقد الشعب الفلسطيني الدعم المالي الخارجي ويجوع الشعب الفلسطيني ويصبح في ضائقة معيشية صعبة. في فلسطين لا يجوع أحد لأن خيرات البلاد وفيرة، والقائمة ستعمل على تعزيزها، وستتبنى برامج تؤكد على الاعتماد على الذات والتخلص بقدر الإمكان من هيمنة الآخرين على الإرادة السياسية للشعب من خلال المال. القائمة ستطرح برنامجها الاقتصادي والمالي أثناء الحملة الانتخابية إن جرت انتخابات، وهو برنامج يؤكد على الهوية الفلسطينية وتحرير الإرادة السياسية للشعب الفلسطيني.

وما نرجوه الآن من الشعب الفلسطيني ألا يعطي انتباها للدعايات المضادة. قائمتنا لا تطرح نفسها لزيادة عذابات الناس، وإنما لإخراج الناس من لجج الظلم والذل والفساد التي انتشرت مع سنوات أوسلو.