شبكة قدس الإخبارية

رصاصةٌ وقنبلة .. اخترقتا عينيْهما فأصابت وهج حياةِ خليل ومحمد

%D8%B9%D9%8A%D9%86%D8%A7%20%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية : “أنا قلبي كل يوم بتقطّع عليه، خليل عمره ما كان هيك، عمره ما عصّب بوجهي ولا بوجه أهله والجيران، من يوم ما تصاوب لليوم ما شاف الخير”، هذا كلام الأمّ التي شهدت إصابة نجلها وغيبوبته ومكوثه عدّة شهور في المشافي من أجل أن يعود كما كان، لكنه لم يعدْ.

تستذكر “أم ناصر” الكسواني اليوم الذي أُصيب به نجلها خليل حينما كان طفلاً يبلغ من العمر 15 عاماً، وتقول: “في الوقت الذي قام به الاحتلال بهدم منزل الشهيد إبراهيم العكاري عام 2015، بدأت إدارات المدارس بإخلاء مبانيها من الطلّاب خوفاً من أي تصعيد في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين شمالي شرق القدس، حيث قام “أبو ناصر” بالذهاب للمدرسة وأعاد خليل إلى المنزل”.

وتُضيف لـ”قُدس الإخبارية”: أنه كان يقف أمام منزلهم حينما باغتته رصاصة من قبل جندي إسرائيلي (مطاطية) فاخترقت عينه اليسرى، لافتة إلى عدم وقوع أي مواجهات في لحظتها”.

منذ ذلك اليوم، دخل “خليل” الذي أصبح يبلغ من العمر 19 عاماً في غيبوبة استمرّت لشهر، بعدما خضع لعدة عمليات جراحية انتهت باستئصال عينه ووضع عين تجميلية.

نُقل “خليل” من مشفى “هداسا عين كارم” إلى مشفى “إيلين” للعلاج حيث لم يكن قادراً على المشي أو الحركة بشكل جيد، كما أنه تعرّض لعدة كسور في الجمجمة، في الوقت الذي كانت والدته أم ناصر (60 عاماً) تُرافقه طيلة الوقت، وخوفها يزداد يوماً بعد يوم.

أعصاب، تشنّجات، نسيان، هي حالات ما زالت تُرافق “خليل” منذ لحظة إصابته في عينه وحتى اليوم، وهناك حالات أخرى يصعب الحديث عنها، بحسب والدته.

وتُلفت إلى أنه يذهب لمدرسة خاصة في بلدة بيت حنينا شمالي القدس، وأنه ما زال يخضع لعدّة فحوصات طبية تتعلّق بالعين والأعصاب.

وتؤكد أن نجلها كان هادئاً جداً ومُسالماً، لكنّه اليوم عصبي، حتى نظّارته التي يجب أن يلبسها لا يُريدها ويقول لها: “بكفّي إنه عيني راحت يمّا... كمان بدي ألبس نظارة”. 

وهذا محمد صلاح (19 عاماً) شاب في ريعان شبابه، لم يُكمل تعليمه ولا يُريد أن يعمل أيضاً فإصابته كانت بقنلة غاز في عينه اليُمنى بشكل مُباشر خلال مواجهات اندلعت العام الماضي 2018 ببلدة أبو ديس شرقي القدس.

بغصّة ووجع، تقول والدته ابتسام صقر (50 عاماً) إن نجلها أُصيب بعينه خلال المواجهات التي اندلعت بجانب جامعة القدس في أبو ديس في الـ24 من شهر نيسان/ أبريل من العام الماضي.

وأضافت لـ”قُدس الإخبارية” أن نجلها تنقّل بين المشافي في رام الله على أمل أن يعود له بصره، لكنّ العين تأذّت بشكل كبير نتيجة الإصابة، وبقي الأمل في أن يرى بنسبة 20 إلى 30 بالمائة فيها.

وشاءت الأقدار، أن يتم اعتقاله ليلة الرابع والعشرين من شهر تشرين أول/ أكتوبر 2018 ، حيث كان من المقرّر أن يخضع لعملية جراحية في عينه في اليوم التالي.

تعرّض “محمد” للتحقيق في مراكز الاحتلال، وحُكم بالسجن لمدة ستة شهور في حينها، بعدما أُدين برشق الحجارة باتجاه جنود الاحتلال في أبو ديس.

وتقول والدته “أم أيمن”: “منذ إصابته وخروجه من السجن، لم يعد محمد كما كان، كان مرِحاً طوال الوقت، لكنه اليوم لا يُريد أن يرى أحداً، وحالته النفسية تزداد سوءاً، كما أنه لا يعمل في أي مهنة”.

وتوضح أنها طرقت جميع الأبواب في محاولة لمساعدتها في تكاليف علاج نجلها، فهو ممنوع من دخول القدس والعلاج في المشافي الإسرائيلية، فعملية زراعة العين التجميلية تحتاج لآلاف الشواقل التي لا تتمكن العائلة من توفيرها.

وتقول بعين باكية: “عندي أمل لسه يشوف بعينه، بس إزا ما في حل، يا ريت لو أقدر أوفّرله ثمن عين حتى لو تجميلية”.

خليل ومحمد ليسا الوحيدين الذين يعانيان الأمرّيْن من إصابتهما، فهناك العشرات من الفلسطينيين الذين أُصيبوا بأعينهم من بينهم شبان وأطفال وصحفيون ونشطاء، باغتتهم رصاصات الاحتلال وقنابله لتُفقدهم أغلى ما يملكون، لتُرافقهم عقبها أوجاع ومتابعات طبية لا تنتهي أبداً.