شبكة قدس الإخبارية

خضر الصعيدي... أطفأ الاحتلال عينيه بعد "رحلة الصيد الأخيرة"

49
هدى عامر

غزة- خاص قدس الإخبارية: متحسسًا عينه في النهار، يسأل: "هل سيحلّ الظلام طويلًا؟"، تصطدم أصابعه بنتوءة جلدية ثم ثغرة مكان العين، ويقول: "فيها كنت أرى أطفالي يلعبون ويكبرون".

ففي 20 فبراير/ شباط الماضي، حاصر جنود بحرية الاحتلال الإسرائيلي، مركب الصياد الفلسطيني خضر مروان الصعيدي، من مخيم الشاطئ غرب غزة، وبدأوا بإطلاق الرصاص نحوه، بينما يحاول الهرب ناجيًا، حتى اقترب مركب الاحتلال ومن مسافة متر واحد، أصابت الرصاصات عينيه.

اقتاد جنود الاحتلال "خضر" معهم، وصادروا مركبه ومعداته، بالرغم من أن عمله لم يتجاوز مساحة الصيد المسموحة في "خانيونس" يومها، اُعتقل لـ4 أيام، قبل أن يفرج عنه ويعود إلى غزة، بـ"عينين منطفئتين" يتحسس الطريق إلى بيته ولا يرى من مستقبله شيئًا.

يقول والده: "كانت هذه المرة الأصعب عليه، وعلينا جميعًا، تعرض سابقًا لاعتقالات من قبل الاحتلال، وملاحقات، لكن الاعتقال الأخير أعاده ضريرًا، فقبل 20 شباط ليس كما بعده أبدًا".

وأضاف في حديثه لـ"قدس الإخبارية": أخبره الاحتلال أنهم أجروا له عملية أزالت عينه المصابة، وسيرى في العين الثانية بشكل طبيعي بعد أيام، الحقيقة أنه لم يرى شيئًا ولا حتى خيال اصبعه، ولم يعد يرى أطفاله حوله".

ولفت الوالد مروان الصعيدي، إلى أن خضر كان يعيل 14 فردًا من عمله في البحر، زوجته وأبنائه ووالديه وأخوته، خاصة وأن الاحتلال صادر مركبته ومعداته في حينها وتكبدت العائلة خسائر نحو 25 ألف دولار. أعاد الاحتلال المركبتين "حسكتين" لاحقًا بلا مولد ولا أجهزة.

وفيما يتعلق بمحاولات علاجه، كانت مصر هي الوجهة الأولى للعائلة، ورفض المستشفى الحكومي الاعتراف به، فلجأوا إلى مستشفيات وأطباء خاصين، الذين أكدوا لهم أنه فقد عينه اليمنى بشكلٍ كامل، واليسرى كذلك، لكن هناك أمل ضعيف بإعادة ربط عصب العين والرؤية بها لو بشكلٍ بسيط، في وقتٍ لا تجري مصر عمليات بهذا الحجم لديها.

ووفقًا لحديث والده، فإن العائلة لم تتوقف، وحاولت حين العودة إلى غزة، للسعي لإخراجه للعلاج بالخارج بتحويلة من وزارة الصحة، خاصة أن المستشفى الذي عالجه في الداخل المحتل قد أرسل لهم بالحضور، لكن سلطات الاحتلال رفضت خروجه في اللحظة الأخيرة بدعوى "الرفض الأمني"، متسائلًا: "ضرير يا الله وخايفين منه؟! ايش بده يعمل بأمنكم بعد ما راحوا عينيه؟!"

العائلة أكدت أن لا جهة رسمية تواصلت معهم بخصوصه ولا تبنت عائلته بشكل كامل من بعده، لكن هناك أحاديث يسمعونها من الناس والأطباء عن إمكانية إجراء عملية له في ألمانيا أو روسيا لزراعة عصب العين وإعادة الرؤية إلى العين ولو بشكلٍ بسيط".

وأشار والده "مروان"، أن تكاليف العملية في هذه الدول مرتفعة للغاية، إضافة إلى إجراءات السفر إلى هناك، التي قد تتعدى 20 ألف $ لإعادة الحياة لعينه، وهذا من المحال أن تقدر عليه العائلة، "عائلة لا تجد قوت يومها بشقّ الأنفس، كيف يمكن أن تدبر كلّ هذا؟ نتمنى أن يلتفت لنا أحد، أن ينقذه أحد لأجله ولأطفاله ولأجلنا جميعًا"، يقول الأب.

وبحسب قول والده: "ناشدنا كل العالم من الرئيس وهنية، لكل القادة، لدرجة بعثنا رسالة للعمادي، لكن عالفاضي، أحدهم من المراكز الحقوقية سعى لإزالة المنع الأمني عنه وخروجه للعلاج، وذهب الشهر الماضي إلى مستشفى تل أبيب لكنهم قالوا لنا كما قال المصريون، العين بحاجة لربط العصب بعملية جراحية مكلفة، لا نقدر على إجرائها".

"والله يابا لسا ما شبعت من ولادي، يلا الحمد لله"، يقول "خضر" لوالده، وهو الذي يستمر في الحمد رغم الابتلاء، ويواظب على الصلاة، ويحاول قراءة القرآن باستمرار بالرغم من أنه "أّميّ"، ويدعو في كلّ مرة: "يا رب بس أشوف بعيني 10 %، ولو ضوّ.. يا رب بس أشوف هالأولاد حواليّ".

المصاب خضر الصعيدي (31 عامًا)، من غزة، وهو أب لثلاثة أبناء، اعتقل سابقًا لدى الاحتلال لمدة 14 شهرًا عام 2017، وأصيب بالرصاص في فخده، إضافة إلى اعتقالات سابقة متفاوتة.

 

#غزة #احتلال #شبكة قدس #خضر الصعيدي #فقد بصره #الشاطئ #مناشدات للعلاج #فقأ عينه #رصاص الاحتلال