شبكة قدس الإخبارية

في يوم الزعتر العالمي: حكايا عن "ذهب فلسطين الأخضر"

644
هدى عامر

فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: صادف الثالث والعشرين من أيلول، اليوم العالمي للزعتر، وسط حكايا خاصة عن "ذهب فلسطين الأخضر"، الذي يعدّ من أبرز مزروعات  ومأكولات الفلسطينيين.

لا يخلو بيت الفلسطيني ووجدانه من الزعتر، يجمعهما رابط أبدي مع غذاءها التقليدي الأصيل، المرتبط بالأرض والوطن وبقدسية الزيتون وخيراته وبركته، فيما يعتبره الفلسطينيون رمزًا يخصهم، يصحبونه معهم في حلّهم وترحالهم.

الكثير من أبيات الشعر، ذكرته وتحدثت عنه ومدحته، وكان من المصطلحات المرتبطة بلغة الفلسطينيين الخاصة، فكان منها: "باقون ما بقي الزعتر والزيتون"، "أحب الزيت والزيتون والزعتر.. ولكن أحب موطني أكثر"، "أحمد الزعتر، ليدين من حجر و زعتر، هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين".

الزعتر الفلسطيني حول العالم، نقلته حقائب المسافرين عابرًا للمطارات والبلدان، ربما كان امتثالًا لما قاله درويش: "واحمل بلادك أنّى ذهبت، وكن نرجسيًا إذا لزم الأمر"، وهو ما يجعل الزعتر موسومًا بالفلسطيني أينما ذهب.

ومن الحكايا الخاصة بالزعتر، ما يرويه الأشقاء في الدول العربية، حول الحكايات عن الزعتر الفلسطيني، فإحدى الروايات عن أهالي طلبة في الكويت، يفسرون تفوق الطلبة الفلسطينيون هناك، لتناول الزعتر على الإفطار"، هذه المَروية دارت بلدانًا عدة أيضًا، بين الهزل والجد.

5500 دونم مزروعة زعتر

ويزرع أكثر من 5500 دونم بالزعتر، بين المروية والبعلية، وتنتج سنويًا أكثر من 11 ألف طن من الزعتر الأخضر الذي يصدر قسم منه للأسواق العربية والدولية، وفقًا لوزارة الزراعة الفلسطينية.

ويباع الكليو غرام الغرام الواحد في الزعتر الأخضر  في الأسواق المحلية في المعدل بـ 15 شيقلا (4$ تقريبًا)، وهو سعر يعادل أكثر من ضعف تكلفة الإنتاج ويتقلب بين ارتفاع وانخفاض تبعًا لمعادلة الطلب ما يعني أنه يمثل استثمارًا جيدًا ويحقق دخلًا دفع كثيرين وخصوصًا في شمال الضفة إلى التحويل لزراعته.

وهذه قصة الفلسطيني "صادق ذيب رضا عودة"، مهندس زراعي ومزارع  من بلده مسحة بمحافظة سلفيت شمال الضفة، قائلًا: "أقوم بزراعة الزعتر في قرية عزون عتمة حيث يتوفر المياه فالزعتر بالدرجة الأولى يحتاج إلى المياه، فزراعة الزعتر مربحة ماليًا وممتعة وربما أقل عناءً كون هذا النبات معمر يدوم لسنوات دون حاجة إلى إعادة تجديد".

ويحظى الزعتر، بإقبال محلي وطلب عالمي  يمكن تسويقه وتصديره، بالإضافة إلى تحقيقه دخلًا مرتفعًا نظرًا لما يعرف عنه من فوائد وإمكانية لاستثمار كامل النبتة من أوراق وساق، وأزهار في مجالات الطعام والشراب والدواء والصناعة وفي مجال استخلاص الزيوت وعقاقير طبية إذ يعتبر واحدًا من أهم الاعشاب الطبية في فلسطين، حيث يحضر منه وصفات طبية شعبية ويوصف لكثير من الأمراض.

استخداماته وفوائده

وكان الزعتر يستخدم قديماً من قبل المصريون في عملية التحنيط، واستُخدم كبخور في حمامات اليونان ومعابدهم. ينمو نبات الزعتر في الأماكن الحارّة و المشمسة، و في تربة جيدة، يمتاز الزعتر برائحته العطرية القوية، وطعمه الحار نوعاً ما. 

  • يساعد الزعتر فى علاج الالتهابات الشُعبية والسعال والربو كما يساعد على خروج المخاط.
  • فيقوم بتهدئة الشعب الهوائية يستخدم مشروب الزعتر و زيته أيضا يستخدم لدهن الصدر.
  • يعتبر من النباتات القابضة فيساعد على علاج الإسهال.
  • يساعد الزعتر على طرد الغازات من المعدة ومنع التخمر كما يساعد على الهضم وامتصاص المواد الغذائية. 

"إسرائيل" تخشى الزعتر

من الأهمية بمكان، الوقوف على قانون الاحتلال، بالمنع القانونيّ الذي فُرض على قطف "الزعتر"، إضافة إلى العكوب، في الأراضي المحتلة 48، منذ عام 1977، وهو ما يشكل مأساة حقيقية مستمرة تتجسد فقدان أصحاب الأرض أرضهم، وإخضاع أبسط عاداتهم لسيطرة المستعمِر وقانونه، وتشكل محورًا إضافيًّا يحاول من خلاله الاستعمار تفكيك علاقة الفلسطينيّ بأرضه وهويّته من جهة، وإعطاء السلطة على الأرض ومواردها للإسرائيليّ من جهة ثانية.

بعد عام واحد فقط بعد مجزرة 'تلّ الزعتر' في بيروت، وبينما بات الزعتر، ربّما أكثر من أيّ وقت مضى، رمزًا للهويّة الفلسطينيّة ولعلاقة الفلسطينيّ مع أرضه، عُدّل القانون الإسرائيليّ وفُرض منع قطف الزعتر البلديّ أو البرّيّ.

في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1977 تحديدًا، وقّع وزير الزراعة بحكومة الاحتلال حينها أريئيل شارون، قرارًا يعدّل لائحة 'النبات المحميّ'، ضُمّت من خلاله نبتة الزعتر إلى اللائحة، بحجّة أنّ قطفه يسبّب أضرارًا للطبيعة، وفُرضت بموجب ذلك على كلّ من يقطف أو يحوز أيّ كمّيّة كانت من الزعتر، عقوبات وغرامات كبيرة. حتّى ذلك الوقت، كانت البراري المصدر الوحيد للزعتر في فلسطين، إذ لم تكن زراعته منتشرة في ذلك الوقت.

لكن سرعان ما بدأ ضابط الزراعة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967 "زئيف بن حيروت"، زراعة وتسويق الزعتر بمساعدة ابنه "يورام بن حيروت"، على قسم من أراضي قرية صفّورية المهجّرة. وقد صرّح في مقابلة تلفزيونية بُثّت أوائل الثمانينات على شاشة التلفزيون الإسرائيليّ، قائلًا: "الزعتر لديّ فخر قوميّ،أريد أن يقولوا إنّ ’الزعتر إسرائيل‘، وهذا الشيء بدأ يتحقّق".

في ظلّ مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينيّة في الجليل، واستشهاد ستّة فلسطينيّين في هبّة يوم الأرض عام 1976، أصبح الزعتر ممنوعًا على الفلسطينيّين كما عهدوه من قبل، وبات يُزرع في الجليل على مساحة بلغت أكثر من 550 دونم، ويُسوّق تحت راية الطعام الإسرائيليّ!

ولم يكن إدراج الزعتر والعكّوب ضمن لائحة النبات المحميّ، خطوة تصريحيّة من سلطات الاحتلال فحسب، إنّما وسيلة قانونيّة لمخالفة الفلسطينيّين الذين يقطفون أيّ كمّيّة كانت من الزعتر أو العكّوب الممنوعين.

ومن اللافت أنه بين العامين 2004 و2016، بتّت المحاكم في 61 قضيّة تتداول العكّوب والزعتر، منها 40 قضيّة تتداول قطف أو حيازة الزعتر، وفي هذه الحالات جميعها، كان المتّهمون والمتّهمات فلسطينيّين، -وفقًا لدراسة أعدها ربيع اغبارية عن قطف الزعتر والعكوب في القانون الإسرائيلي-.