شبكة قدس الإخبارية

تقريرابنة الشهيد الكرمي... فلسطين تنتزع الفرح والنجاح

67167550_1188164091371207_351093965627326464_n
يحيى موسى

طولكرم المحتلة - خاص قدس الإخبارية: كبرت فلسطين، الرضيعة التي لم تتجاوز شهورها الستة الأولى عند استشهاد والدها رائد الكرمي، لتلبي اليوم الآمال التي رسمها لها منذ قدومها لحياته، وخلال أيام مطاردته التي كان يصرخ فيها اشتياقاً لطفلته: "وين فلسطين .. اشتقت إليها". 

"الحمد لله نجحت ابنتي في الثانوية العامة ورفعت رأسي ورأس والدها الشهيد، عندما ظهرت النتيجة تمنيت لو كان موجودا ليشاركنا هذه الفرحة التي بقيت منقوصة بدونه"، تقول ليندا أم فلسطين معبرة عن فرحتها الكبيرة التي دخلت منزلها. 

وتضيف، "اليوم زارتني الفرحة لأول مرة بعد غياب دام 17 عاما رغم أنها منقوصة فرحت كثيرا بنجاح ابنتي فلسطين وحصولها على معدل 71% بالثانوية العامة وهذا النجاح نهديه إلى روح والدها الذي لو كان حيا سيكون سعيدا محتفيا بابنته" بهذا أسدلت الستار الأخيرة لحديثها.

تعلق ليندا، "كل يوم حينما أفتح خزانتي أنظر إلى ملابسه، فهي دائما تذكرني بأجمل عامين أمضيتهم في حياتي حينما تزوجته، ولم أقم برفع ملابسه بل بقيت على ذات الوضعية التي كانت عليه قبل استشهاده ليبقى يعيش بيننا" قالت.

رحل "الكرمي" شهيدا بعد اغتياله من القوات الخاصة الإسرائيلية التي زرعت له عبوة متفجرة، بعد سنوات من المطاردة ومحاولات الاغتيال المتكررة عام 2002، كيف لا وهو أحد أبرز المقاومين في انتفاضة الأقصى، ولم يبق لزوجته "ليندا" من ذكرياته إلى ملابسه التي استشهد فيها، وخاتمه وساعته، وكل أغراضه بقيت منذ تلك الفترة على حالها في خزانتها.

وعن ذكرياتها الأخيرة، تروي ليندا، "اتصل بي قبل استشهاده بربع ساعة، وكان متخفيا في بيت آخر وكنت عند بيت أخته، كان يومها يريد المجيئ عندنا (..) عاودت الاتصال بعد دقائق فرد علي وسمعت صوت انفجار وانقطعت المكالمة، اتصلت على صديقه لأطمئن على زوجي لكنه أظهر عدم معرفته بأي شيء، ربما لم يرد صدمتي، حتى فتحت شاشة التلفاز وكان الخبر الأصعب في حياتي يفيد باستشهاده".

مهمة صعبة

 كرست ليندا جل حياتها  لتربية أبنائها، تروي ليندا، "اليوم كبرت فلسطين فأصبحتالتي كانت رضيعة شابة (18 عاما) ورائد الجنين (17 عاما) حياة مرت بصعوبات كثيرة، ليست مجرد رقم بل هي مسيرة من الصبر والتضحية فاكنت مهمة صعبة" هكذا خطت الكرمي طريقها مع طفليها الوحيدين بدون سندها الأول.

لكن قصتها مع المعاناة والتحمل لم تبدأ من لحظة استشهاد زوجها، بل من لحظة ارتباطها به عام 2000م كونها لاجئة فلسطينية تعيش بالأردن، ولذلك حكاية فتقول: "تزوجت رائد عامين لكني لم أعش معه أكثر من عام لكثرة فترات مطاردته، والأمر الآخر كوني لاجئة وجئت إلى مدينة طولكرم لأنني تزوجت رائد لم يكن لدي هوية فلسطينية لأني لاجئة وعندما زرت عائلتي خلال مرتين مكثت عدة شهور، ففي كل مرة كنت أحتاج تجديد الإجراءات من الصفر".

"الهوية" معركة أخرى خاضتها زوجة الكرمي لانتزاع هذا الحق، تستذكر تلك اللحظات: "بقيت لمدة سبع سنوات بعد استشهاد زوجي وأنا أحاول الحصول على وثيقة شخصية، مرت تلك الفترة صعبة علي فلم أستطع السفر لرؤية أهلي بدون الوثيقة وكذلك عشت مرارة فراق زوجي إلى أن استطعت الحصول عليها عام 2009م".

تمر صفات زوجها أمام حديثها لنا فهي تراه في عيون ابنته "فلسطين" ونجله "رائد" فهذا الشاب هو الوجه الآخر لرائد الكرمي لا يحمل سام والده فقط بل يحمل صفاته وكأنَّ زوجها ولد من جديد، منتقية بعض المواقف من حياتها مع زوجها، "رغم أنه مقاوم شرس له صولات وجولات في المقاومة ومقارعة الاحتلال، إلا أنه كانا حنونا لدرجة أنه كان لا يهون عليه رؤية أطفال الفقراء يمشون حفاة بالطرقات يتسولون فكان يتوقف ويقدم لهم التبرعات والصدقات، ويساعد كبار السن، وكان محبوبا في مدينة طولكرم".

احتفظت بتفاصيل هذه الفترة في صندوق ذكرياتها الأليم قائلة: "صبرت لأجل أبنائي وتحديت كل الصعاب، كنت أتحمل بعدي عن أهلي لأكون عند حسن ظن الجميع بي بأن أحسنت تربيتهم".