شبكة قدس الإخبارية

غزة محور عمل "أفيف كوخافي"

CfBQS
رامي أبو زبيدة

يجري الجيش الإسرائيلي في هذه الاوقات مناورات عسكرية مفاجئة لقوات متعددة، من قوات المشاة والدروع والمدفعية وسلاح الجو، وحسب تصريحات العدو، تسعى هذه المناورات لفحص الاستعداد العملي لمختلف سيناريوهات القتال خاصة بالنسبة "لقطاع غزة"، وأن هذه المناورات جزء من برنامج تدريبي للعدو يهدف للحفاظ على جاهزية واستعداد قواته.

يبدو واضحاً أننا بتنا في ذروة انشغال إسرائيلي بأحداث غزة الجارية، وسيطرتها على النقاش العسكري والسياسي والحزبي في إسرائيل، وازدياد مستوى الحديث حول مستقبل وواقع غزة الملتهب يأتي بفعل الحراك الشعبي على حدودها الشرقية وحالة الضغط التي يتم توجيهها على الحدود الشرقية بفعل الحصار الذي بات يفتك بالمجتمع الغزاوي، بالرغم من الجهود الحاصلة بين غزة والقاهرة والوساطة الأممية و الاحتلال، لكن الأخيرة ما زالت ترى في المقاومة كياناً معادياً يستهدفها، ولا ترى نفسها مضطرة للاتفاق معه على تهدئة قد تعطيها مزيدا من الوقت، تعيد ترميم قدراتها العسكرية، وتلتقط أنفاسها، وتأخذ استراحة محارب، تحضيراً لمواجهة قادمة، و بالتالي هي معنية أن تبقى المقاومة في حالة دفاع عن النفس، وغير مستقرة.

لقد أدت التغييرات الحادثة في ساحة المعركة، وانتشار الأسلحة المستخدمة (على سبيل المثال: الطائرات بدون طيار، الصواريخ الموجهة والدقيقة)، وبيئة القتال الشبكية، لتعزيز حجم القوات الخاصة لديه، ومضاعفة حجم نشاطها ثلاث مرات، فيما يتم تطوير قيادتها لتشبه قيادة العمليات الخاصة في الولايات المتحدة، التي تُدرب وتدير «جيشًا مختلفًا» لا يفكر ولا يعمل مثل الجيش التقليدي. فالقاعدة الجديدة للعدو هي جيش محترف يعمل بالتوازي مع «جيش الشعب».

بالرغم من أن القتال سيكون له مكونات تكنولوجية، إلا ان جيش الاحتلال يعتقد أن الوقائع الميدانية تثبت أهمية وضرورة القوات البرية، وأنه سيكون أهمية للمناورة الأرضية والالتقاء الجسدي للقوات المحاربة، وجهاً لوجه، على الرغم من التغيير الذي حدث بشكل جذري في طبيعة القتال، مثل الحروب السيبرانية والتكنولوجية، ويبقى هناك حد لقوة الآلة، لذا ستستمر مركزية العمليات البرية في التعامل مع التهديدات، وفي ضوء ذلك، وعلى الرغم من الاستثمار في التكنولوجيا، سيكون مطلوباً من الجيش الإسرائيلي الحفاظ على جهد مستمر لتعزيز نظام المناورة الأرضية.

على ما يبدو بأن ” كوخافي” يسير على نهج سلفه “آيزنكوت” في استكمال خطط الاصلاح والتكتيك في الجيش بشكل عام كخطة “جدعون” مثلاً، وتعزيز بطارية القبة الحديدية، والارتقاء بالقدرات العملياتية الميدانية، مضافاً اليه العمل على دمج القوات الجوية والاستخبارات العسكرية بالتنسيق مع القوات البرية من أجل تحقيق عمل ميداني ناجع وفعال، وفي هذا الاطار طلب رئيس الأركان "أفيف كوخافي"، من قادة الجيش الإسرائيلي، إعداد خطة للانتصار في الحروب القادمة، من خلال تنظيم ورشة عمل تستمر ثلاث أيام، سيشارك فيها طواقم من هيئة الأركان، وكافة قادة الألوية والفرق، وضباط من رتبة عميد فما فوق، وتهدف هذه الورشة، تقديم خطة سنوية، لتحقيق انتصار واضح للجيش الإسرائيلي، على كافة الجبهات، في حال اندلاع الحرب، هذه الورشة سيترأسها رئيس شعبة الاستخبارات، وقائد لواء التوجيه والتدريب بالجيش، وبعد الخروج بالتوصيات، سيتم تشكيل طواقم خاصة، لصياغة توصيات اللجنة الى خطة عامة سنوية تدخل حيز التنفيذ بالعام 2020.

نعتقد ان رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال “أفيف كوخافي” يسعى لتحسين استعدادات الجيش للمواجهة المحتملة مع غزة، وأن غزة هي محور عمله بهذه المرحلة وهذا يتأكد من خلال المناورات الجارية الآن وبرامج الأسلحة، وإنشاء هيئة لإعداد بنك الأهداف، من أجل زيادة وتحسين مجموعة الأهداف التي يمتلكها جيش الاحتلال لاستهدافها من الجو بشكل أساسي بالإضافة وسائل أخرى.

بالتالي فإن هذه المناورات العسكرية، تجري لاختبار الجهوزية العسكرية أو تكتيكات أو استراتيجيات عسكرية معينة أو اختبار أسلحة جديدة أو جميع هذه النشاطات والدمج بينها لأهداف عسكرية فنية بحت، أو لتحقيق رسائل سياسية تستهدف الضغط مثلا أو التهديد أو التلويح باستخدام القوة ضد الطرف المستهدف، أو استعراض القوة، أو التغطية بها على هجوم حقيقي يباغت "العدو".

فغزة اليوم على صفيح ساخن والعدو الصهيوني يواجه تحدي حقيقي فيما يتعلق بقطاع غزة لأنه يتعرض لتهديد حقيقي من قبل المقاومة، وما تشكله من حالة اشتباك مستمر ودائم مع العدو, كما تزداد حالة التوتر أكثر فأكثر، في ظل تجاهل وعدم التزام العدو بالتفاهمات المتعلقة برفع الحصار، وفرض العقوبات من قبل السلطة الفلسطينية، وعدم ظهور أي أثر فاعل للدور المصري على الارض في التخفيف من آثار الحصار، وبالتالي يبدو أن غزة ستكون محور عمل رئيس الأركان الصهيوني "أفيف كوخافي"، ومن هنا يمكن النظر للمناورات العسكرية الاسرائيلية على أساس هذه الاعتبارات، جميعها أو بعضها، لإدراك مدى مناسبة هذه المناورات في التوقيت والأهداف ومدى تحقيقها للنتائج المرجوة منها من ناحية العدو.