شبكة قدس الإخبارية

غرفة عمليات المقاومة .. هل تسهم في بلورة رؤية لعقيدة عسكرية وطنية ؟

رامي أبو زبيدة

يحتلّ العمل العسكري المشترك موقعاً متقدّماً في تكتيكات الفعل العسكري للفصائل الفلسطينيّة،  وتكمن أهميّته في تحقيق أوسع قاعدة فصائليّة شعبيّة داعمة للمقاومة المسلّحة، ودمج كلّ القوى فيها، بما يعنيه ذلك توافر أغلبيّة جماهيريّة تتبنّى هذا الخيار كمشروع مشترك، وهذا ما وجد صداه بعد تبني عمليات القصف الاخيرة، ببيان موحد حمل توقيع الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، فالغرفة المشتركة للمقاومة في غزة تسهم في وضع الخطوط العريضة، لأوسع عملية تنسيق وتعاون من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في العمل المقاوم على ساحة مواجهة العدو الصهيوني، وقد تكون مقدمة للجيش الفلسطيني الموحد، فهل يسهم العمل المشترك للفصائل الفلسطينية في بلورة وصياغة رؤية موحدة لعقيدة عسكرية وطنية جامعة .

في ظل حالة التكالب والالتفاف على ثوابت وتطلعات شعبنا وقضيتنا، وجب تبني عقيدة عسكرية استثنائية يكون الهدف منها تحقيق الثوابت الوطنية المجمع عليها فلسطينياً، بما يتناسب والغاية من تلك العقيدة وزرعها في نفوس ابناء شعبنا ومقاوميه بما يتوافق ومتطلبات المرحلة الحالية تكون محققة لتطلعات شعبنا في العيش بأمن ضمن مقومات وحدة وطنية على هذه الأرض التي بذل لأجلها الكثير من التضحيات .

وبما أن العقيدة تعرف بأنها منظومة من وجهات النظر التي تعتنقها الدول والفصائل في مرحلة معينة حول أهداف الحرب القادمة المتوقعة وطبيعتها وإعداد المناطق التي تحت سيطرتها والقوات المسلحة لتلك المرحلة وبتطبيق ذلك على الوضع الفلسطيني الراهن فإن الشعب الفلسطيني يعيش خلال هذه الفترة مرحلة هامة من أهم أولوياتها الدفاع عن الشعب الفلسطيني من المحاولات الجارية لتصفية القضية، وهنا وجب التأكيد أن هناك مقاومة واحدة موحدة تدافع عنهم وأي قطرة دم لها ثمن ورد عسكري، واستثمار مرحلة الاستقرار والهدوء في تطوير وبناء وتسليح المقاومة وإعداد العدة والعتاد لمقاومة المحتل على أسس قوية بما يكفل ردع أي عدوان صهيوني ومنع العدو من تحقيق أهدافه .

فالعقيدة العسكرية للمقاومة عبارة عن نسق فكري ينظم المفاهيم والمبادئ العسكرية والقتالية للمقاومة, وتعتبر بمثابة الدليل الأساسي للمقاومة في المجال العسكري وهي التي تمنح المشروعية للعمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة، وهي مجموع الأفكار الأساسية التي تنظّم وتوّجه العمل العسكري المقاوم, وهي مجمل المبادئ الأساسية التي تتخذها المقاومة المسلحة لإنجاز مهامها وتحقيق أهدافها, وهي السياسية العسكرية المرسومة التي تعبّر عن فكر المقاومة في الأمور القتالية . والعقيدة العسكرية القتالية للمقاومة هي المسؤولة عن تنظيم إدارة وتوجيه العمل العسكري للمقاومة , ولها أهمية كبيرة في تحقيق النصر والتسبب في الهزيمة في الحرب , ونجاح أو فشل العمليات العسكرية للمقاومة .

وتنبع أهمية العقيدة العسكرية ، نظراً لما تحمله من اعتبارات معنوية وتنظيمية وفكرية للمقاومة نحو تطوير أدائها وتوحيد جهودها، وتتمثل أهمية العقيدة العسكرية للمقاومة في ما يلي :

·        تعتبر الدليل الأساسي لتنظيم وتدريب قوات المقاومة في مختلف مستوياتها ووحداتها .

·        تعتبر الدليل الرئيسي لإعداد وبناء وتطوير قوات المقاومة وتجهيزها واستخدامها في الحاضر والمستقبل.

·        تعتبر المنطلق الأساسي لأية عملية عسكرية تقوم بها المقاومة الفلسطينية مهما كان نوعها أو حجمها.

·        تعتبر القاعدة الأساسية لتوحيد جميع مفاهيم المقاومة المسلحة تجاه نوايا استخدام القوات والوحدات العسكرية فهي الدليل الموحد لجميع الأعمال والنشاطات العسكرية لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية.

من واجب العقيدة العسكرية للمقاومة ان تجيب عن بعض التساؤلات وتكون واضحة المعالم لدى تلك الفصائل، وهذه التساؤلات هي : - من يُشرع للمقاومة الفلسطينية أن تتحرك للقتال ؟ ومتى يحق لها فعل ذلك ؟  وكيف يتحقق ذلك عملياً ؟

الإجابة عن الفقرة الأولى من التساؤلات هي من حق واضعي العقيدة العسكرية في جانبيها السياسي والعسكري وأرى ان يكون ذلك على عاتق القيادة السياسية والعسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية المشاركة في غرفة عمليات المقاومة، أما إجابة التساؤل (متى) فهي من حق القيادة السياسية حيث هي من تحدد الاخطار والمسائل التي تستدعي التحرك ومباشرة القتال ليتحدد بعدها الوقت الذي ستبدأ فيه غرفة عمليات المقاومة المشتركة بالعمل والتنفيذ، أما الإجابة عن التساؤل الثالث (كيف؟) فهي من حق القادة العسكريين وصناع العقيدة العسكرية والقتالية في غرفة المقاومة الذين يرسمون الأسلوب الأمثل للوصول للأهداف بأقل الخسائر المادية والبشرية ويكون ذلك باختيار الأسلحة والأساليب التي تساهم في تسهيل حركة قوات المقاومة وتذلل لهم الصعاب وفق إمكانات وقدرات كل فصيل .

وبناءً على ما تقدم نجد أن العقيدة العسكرية تُكون مجموعة المبررات والمنطلقات الإنسانية والدينية والأخلاقية والقناعات الفكرية. المنضبطة التي تمنح المشروعية للقوات العسكرية للقيام بعمل ما، واعتقد باننا جميعا نتفق بأهمية أن تكون لمقاومتنا عقيدة عسكرية مناسبة لاسترداد بلادنا ومقدساتنا وتحرير أسرانا وصون حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة فوق وطنهم وارضهم.