شبكة قدس الإخبارية

بعد "المجلس الوطني".. نحو جَبهة المُقاومة المُوحدة

خالد بركات

 لم يَعُد أمام طليعة الشعب الفلسطيني ولا القوى الفلسطينية والعربية التي تنضوي في إطار معسكر المقاومة والتي قاطعت "المجلس الوطني" الذي عقد في رام الله إلا أن تُعلن اليوم، قبل الغد، عن مبادرة مُوحدة تؤسس لانطلاقة "جبهة المُقاومة الوطنيّة الفلسطينية ".

هذه الجبهة الوطنية وحدها تستطيع تَرجمة الوحدة الميدّانية والشعّبية واقعاً على الأرض في مواجهة العدّو الصهيوني أولاً، وتعمل على تطوير مهام النضال الوطني والقومي والأممي لإسقاط مشروع التصفية الأمريكي الصهيوني الرّجعي، وتَشقُ الطريق مُجدداً أمام الأجيال الفلسطينية الرّاهنة والقادمة لإنجاز الاهداف الوطنية وتحقيق العودة و التحرير.

وبعد إحكام سيطرة "فريق أوسلو" في "المناطق المحتلة " على المؤسسات الفلسطينية كافة، وبعد إقصاء جماهير الشتات دفعة واحدة ومصادرة صوت أكثرية الشعب الفلسطيني وتحويل منظمة التحرير الفلسطينية، الكيان المعنوي للشعب الفلسطيني، إلى مركبة ومطية يركبها فريق محمود عباس، وقد أصبح هذا التيار مُستعدًا وجاهزًا للتوقيع على صفقة القرن، فإن هذه الجبهة الوطنية الموحدة في الوطن والشتات أصبحت مهمة وطنية عاجلة و مسئولية وطنيّة و قوميّة وأمميّة لا تحتمل الإنتظار أو التأجيل ولا التسويف والمُراوغة.

وإذا كانت حركة فتح - "تيّار محمود عباس" ومعها القوى الآفلة والشكلية الصغيرة وتحالفها المفضوح مع طبقة المال المُلحقة باقتصاد كيان العدّو قد جمعّت وحشّدت نفسها في "المجلس الوطني" تحت حراب الإحتلال وتحت سقف مشروع الحكم الإداري الذّاتي المحدود، وأسست لمرحلة جديدة من السلب والتفكك والشرذمة في الساحة الفلسطينية فإن على قوى المقاومة الفلسطينية الشعبية، المسلحة على نحو خاص، أن تشرع في الحوار الوطني الدّيمقراطي لتأسيس جبهة المقاومة الوطنية والتي من شأنها أن تقطع الطريق على مسار التسوية/ التصفية من جهة و تُعيد التوازن الدّاخلي للمعادلة الوطنية والشعبية من جهة أخرى.

إن أحد أهم أولويات هذه الجبهة الوطنية الواسعة يَكمُن في العودة الى الجماهير الفلسطينية أولاً، إلى الطبقات الشعبية المتضررة تحديدًا، باعتبارها الشرعية الشعبية الباقية والوحيدة ولأنها القوة الحاسمة وصاحبة المصلحة في التغيير والتقدم، القادرة على حسم خيارات الحركة الوطنية وتحديد بوصلتها، هذا يعني، ويشترط أيضًا، تنظيم لقاءات شعبية مفتوحة على نطاق واسع في الوطن والشتات تُعبر من خلالها جماهير الشعب الفلسطيني وطليعتها الثورية الموثوقة من الشباب والنساء والحركات الإجتماعية عن رأيها، وتعلن موقفها في فضاء من الحُرّية والمساواة، وتقدم المُقترحات العملية والحلول الوطنية الواقعية لمغادرة مربع الأزمة وللخروج من دائرة اللّف والدوران إلى فضاء أرحب سيُمكّنها من إستعادة روح المبادرة الشعبية مرّة أخرى..

إن الهدف الوطني العام من تشيكل هذه الجبهة الوطنية الموحدة هو تنظيم قطاعات وفئات الشعب الفلسطيني كافة وتعزيز دورها وصمودها. واعتبار فلسطين المحتلة وحدة جغرافية واحدة.

فهذا المعسكر الوطني الشعبي في وسعه، إذا أحسن ترتيب أوراقه وقوته، إلحاق الهزيمة بمشروع "فصائل أوسلو" الصغيرة التي لم تتوانَ في طعن قوى المقاومة الفلسطينية في ظهرها، ضاربة بعرض الحائط مُحددات وبرنامج التوافق الوطني في بيروت، بل ذَهبت للحاق بركب محمود عباس وسلطة التنسيق الأمني مع العدو التي تستهدف المقاومة الفلسطينية، وتشارك علانية في الحصار المفروض على شعبنا في قطاع غزة، فَعلت كُلّ ذلك و أكثر مُقابل حصولها على إمتيازات صغيرة ورشوة رخيصة قدّمها اليمين المُهيمن لها في مجلس كيّان اوسلو المُتداعي.

إن قوى المقاومة الفلسطينية ومعها حاضنتها الجماهيرية الواسعة تشكل اليوم الأكثرية الشعبية الفلسطينية القادرة على خوض الصراع الدّاخلي وحسمه لصالح مشروع العودة والتحرير.

كما أن قوى وفصائل أوسلو على الجهة الاخرى فقدت كل شرعية شعبية وثورية وقانونية، ولا تملك قدّرة جماهيرية حققية في الوطن والشتات إلا في بعض المناطق في الضفة المحتلة، بحكم السيطرة الماليّة والأمنيّة على قطاع التوظيف من جهة والاستقواء بالاحتلال والنظام العربي الرّسمي والدول الغربية (المانحة) من جهة أخرى.

تستطيع قوى المقاومة الفلسطينية، إذا أرادت، أن تقلب الطاولة على تيار محمود عباس والفصائل التابعة له، وهزيمتهم في أية انتخابات ديمقراطية، طلابية وعمالية ونقابية، أو في إنتخابات المجالس المحليّة والقروية والبلدية، كما تستطيع فعل ذلك في الخارج أيضاً، ومُحاصرة فريق أوسلو من خلال نزع الشرعية القانونية عنه واستعادة منظمة التحرير الفلسطينية، بعد إعادة تأسيسها، مُمثلا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، فتكون منظمة لكل الشعب الفلسطيني تنصاع للإرادة الشعبية الفلسطينية ولا تصادرها أو تعمل على تزييفها وتدجينها، فالشعب الفلسطيني هو مرجعية المنظمة وليس العكس.

أمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأمام الشخصيات الوطنية الموثوقة والحاضنة الشعبية للمقاومة مهام وتحديات وطنية مباشرة على رأسها تشكيل جبهة المقاومة الوطنية الموحدة التي من شأنها أن تُعيد الصراع الفلسطيني الصهيوني إلى المُرّبع الأول وتسقط مشروع الدّولة الفلسطينية الوهمية على حدود 1967 فتضع المشروع الوطنيّ التحرّري المُقاوم، مرّة أخرى، على طريق الثورة الشاملة لتحرير فلسطين .