شبكة قدس الإخبارية

عبد اللطيف صبيح.. كيف يُنسى المُقاتل ؟!

حمزة العقرباوي

نُعي اليوم في عقربا وعبر مكبرات الصوت السيد عبد اللطيف صبيح بني جابر، وَمَرَّ اليوم عادياً إذ لم يَتسارع المُتباكون على الوطن لنعيه أو لعدّ مآثره، ولم تزدحم الصفحة الأولى للصحف المحلية بنعيه!. فمن هو عبد اللطيف؟ وما هي يانون؟ وما الوطن أصلاً؟.

لقد غاب اليوم صوت قرية يانون الأول، وفارس مُقاومتها في لحظة الخُذلان، والرمح العالي في مواجهة الهروب الجماعي نحو السلامة.. رحل الرجل الذي كان لقرية يانون المنسية شَمسها التي تُطفئ الليل، وذكرها في لحظات النسيان، لقد غاب المقاتل عبد اللطيف..

كان عبد اللطيف صبيح مسؤول يانون حتى العام 2004، ولم يترجل عن موقعه إلا مريضاً، وقد أقعده مرضٌ فُجائي هدّ قُوةَ رَجُلٍ جبار، فألقى به على فراش المرض أربعة عشراً عاماً، وهو حبيس بيته بعيداً عن ساحات معاركه التي خاضها في يانون ضد المستوطنين، في وقت كان الإعلام مُنشغلاً بالانتفاضة وأحداثها الجسام، وكانت يانون يومها تُقاتل وحيدة لا يسندها إلا فزعات تأتي عبر مُكبرات الصوت من بلدة عقربا القريبة.

حين نقول عبد اللطيف صبيح فنحن نتحدث عن حالة المقاومة والصمود ورفض الاقتلاع من يانون من العام 1996 حتى العام 2004، حين نقول عبد اللطيف صبيح فنحن نتحدث عن يانون في أشد لحظات محنتها يوم احتلت للمرة الثانية وطرد سكانها جميعاً في العام 2001 نحو عقربا,, حين نقول عبد اللطيف صبيح فنحن نتحدث عن رجل قاوم الاعصار ووقف كالمارد يُقاتل الأشباح حتى تمكن من اعادة عائلات يانون للقرية بعد التهجير الجماعي على يد مستوطنو مُغتصبة ايتمار.

يرحل الرجل اليوم بعد صراع مع مرض انتزعه على حين غرة، وتناوله وهو في ساحات المقاومة، فكان مرضه المجهول سبباً، قتالاً آخر يخوضه الرجل لأجل قضيته التي حملها وحيداً لسنوات قبل أن يكون هناك اهتمام حكومي أو اعلامي أو وطني بقرية يانون للإنشغال بقضايا أكبر كما يُقال.

رحل عبد اللطيف صبيح الذي قاتل لأجل أن تبقى يانون شوكة في حلق الاحتلال، رحل الرجل الذي جعل الصمود في يانون ضربة في خاصرة المشروع الصهيوني في التلال الشرقية لقرى شرق نابلس.. رحل بهدوء وبصمت ودون أن يُقال في مراسم دفنه ما يليق به كرجل قاوم لأجل وطنه وأمته.. رحل المُقاتل وبقية القضية..

رحمك الله يا عبد اللطيف صبيح ..وسلام عليك حياً ميتاً ويوم يُبعث الناس، سلام عليك وعلى يانون .. وستبقى حكاية من حكايات مُقاومتنا للمشروع الصهيوني، ولن يغيب جهادك وقتالك لأجل وطنك عن عيوننا، وحسبنا أن أمثالك هُم بوصلتنا للحرية ..