شبكة قدس الإخبارية

دولة بلا دولة وسلطة بلا سُلطة

راسم عبيدات

القناه الثانية الإسرائيلية تكشف عن ملامح الخطة الأمريكية لحل القضية الفلسطينية، وجوهر الحل يقوم على أساس مشروع نتنياهو الإقتصادي دولة بدون دولة.

كما يتم التعامل مع القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني من قبل نتنياهو والفريق الأمريكي المتصهين في الإدارة الأمريكية المكلف بصياغة هذه الخطة (كوشنير، جرينبلات، نيكي هايلي وديفيد فريدمان)، ممن عملوا في مكتب الرئيس الأمريكي في تجارة العقارات، ولذلك ينظرون إلى قضيتنا على أساس إنها قضية عقارية وتجارية، يمكن حلها برزمة مساعدات اقتصادية ضخمة، تتولي عربان ومشايخ الخليج تقديمها، من أجل إنجاح الخطة.

والخطة المزمع طرحها تتخلى عن مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران، لكي تقول بأن وجود المستوطنين في الضفة الغربية شرعي، وأي عملية إخلاء لهؤلاء المستوطنين الغزاة الذين استولى على الأراضي الفلسطينية، هو شكل من أشكال التطهير العرقي كما يقول ذلك نتنياهو، أي شرعنة وجود الإحتلال وجواز الإستيلاء على أرض الغير بالقوة.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه نتنياهو عن أن إخلاء المستوطنين من مستوطناتهم المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تطهير عرقي، نجد أنه يمارس كل أشكال التطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني، حيث سيتم طرد وإخلاء وتهجير تجمعات بدو عرب الجهالين من منطقة جبل البابا بالقرب من العيزرية، لكون تلك التجمعات الواقعة في منطقة غلاف القدس، تمنع ربط وضم مستوطنات تجمع "معاليه أدوميم" والتي تشمل "ميشور أدوميم" و"كيدار" و "متسبيه يرحو" الى مدينة القدس.

فالمنطقة المسماة ب (E1) 12 كم شمال غرب مستوطنة " معاليه ادوميم"، من شأن البناء فيها عزل مدينة القدس بالكامل عن محيطها الفلسطيني، وقبر حل الدولتين بشكل نهائي من خلال فصل شمال الضفة عن جنوبها، وفصل شمالها وجنوبها عن وسطها، خطة فصل وتقطيع أوصال الضفة.

نتنياهو يعرف جيداً بنود وتفاصيل الخطة الأمريكية المزمع طرحها، فالفريق الأمريكي الذي يعكف على إعدادها متصهين وصهيوني أكثر من نتنياهو نفسه، وهو الأكثر عداءً وتنكراً لحقوق شعبنا الفلسطيني، ولذلك لا غرابة في حديث نتنياهو، عن أن إخلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة، شكل من أشكال التطهير العرقي.

السفير الأمريكي المتصهين ديفيد فريدمان لدى دولة الإحتلال، قال بأحقية "إسرائيل" في الاستيطان في أي مكان بالقدس والضفة، وأراضي فلسطينية عامة أو خاصة، فحتى وصف الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بالإدعاءات الكاذبة وبالاحتلال المزعوم.

ولذلك طرح نتنياهو ينسجم مع رؤية فريدمان وكوشنير وجرينبلات، وطرده وترحيله لتجمعات عرب الجهالين البلدية في غلاف مدينة القدس، وإرجاع حاجز الولجة لمسافة 2،5 كليو متر بهدف السيطرة على عين الحنية، وخلق التواصل لعمليات الضم لمستوطنات جنوب القدس مجمع "غوش عتصيون" والمستوطنات الواقعة شرقها، مجمع " معاليه ادوميم"، لبلدية "القدس" لكي تصبح تحت سيادتها وسلطتها، يندرج ضمن هذه الخطة الأمريكية، بحيث تصبح مساحة مدينة القدس 10% من مساحة الضفة.

وبما يعني ضخ 150 ألف مستوطن لمدينة القدس واخراج 100 ألف مقدسي منها، القرى والبلدات المقدسية الواقعة خلف الجدار، خطة زئيف اليكن وزير ما يسمى بشؤون القدس، بلدات كفر عقب ومخيم شعفاط وأجزاء من أراضي قرية السواحرة الشرقية، وذلك لضمان أغلبية يهودية في المدينة وتغيير واقعها الديمغرافي لصالح المستوطنين.

أوسلو بعد 24 عاماً، لم يوصلنا إلى دولة كما ظن الموقعين عليه، بل للأسف أوصلنا إلى "خازوق مبشم"، أن تكون السلطة الفلسطينية، ليس أكثر من إدارة مدنية وشرطة محلية، ليس لها سيطرة لا أمنية ولا مدنية حتى في المناطق التي يفترض أن تكون فيها لها سيطرة أمنية ومدنية كاملة للسلطة الفلسطينية، مناطق (ألف)، فالاحتلال يستبيح مناطق السلطة كما يشاء وكيفما يشاء، دون النظر إلى اتفاق أوسلو، بل ويعتبر بأن ما يقوم به جزء من هذا الإتفاق، بإختصار حالنا كما عبر عنه الرئيس عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين "سلطة بدون سلطة".

والخطة الأمريكية الجديدة و"الخلاقة" لحل القضية الفلسطينية وفق ما يسمى بالإطار الإقليمي، والتي تبقي على وجود المستوطنين في الضفة الغربية وتشرعنه، هي أيضاً تحظى بدعم ومباركة ومشاركة الداعمين والممولين العرب لهذه الخطة.

فنحن ندرك جيداً نفى أو لم ينفى الرئيس عباس والمسؤولين السعودين، بأن إستدعاءه الى الرياض مؤخراً، ليس الغرض منه إطلاعه على تفاصيل الخطة الأمريكية، وما هو المطلوب فلسطينياً في إطار هذه الخطة، بل عرض الخطة الأمريكية كان في صلب هذا الإستدعاء، وما تضمنه من إغراءات وتهديدات.

فالسعودية جزء من تمويل هذه الخطة، وأحد المتحمسين لها، فهي تسعى بشكل قوي إلى تطبيع وشرعنة العلاقات العربية مع "إسرائيل"، ودمجها في المنطقة كمكون طبيعي من مكوناتها، فهى ترى في "إسرائيل" دولة "صديقة"، وبان ما يشكل خطر على أمن المنطقة واستقرارها، هو ايران وذراعها المتقدم في المنطقة حزب الله اللبناني، والذي تصنفه كمنظمة "إرهابية".

ولذلك، فان موافقة الرئيس عباس على الخطة الأمريكية، يعني ضخ ملايين الدولارات، بل وربما المليارات لخزينة السلطة الفلسطينية، ورفضها يعني حصار مالي وخلق بدائل، وربما عدم تجديد أمريكا الرخصة لمكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، يندرج ضمن سياسة أمريكا وحلفائها للضغط على السلطة بقبول هذه الخطة.

كما قادنا أوسلو الكارثة إلى "سلطة بدون سلطة" فإن ما يسمى بصفقة القرن ستقودنا إلى "دولة بدون دولة"، ستقودنا إلى ما يسمى بالسلام الاقتصادي، مشروع نتنياهو، مقايضة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال، بمشاريع ورشاوي اقتصادية، تحسين شروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، بتمويل عربي ودولي، مع تأبيد وشرعنة الاحتلال.

ولذلك ما ينتظر الشعب الفلسطيني أخطر من أوسلو، فصفقة القرن تحمل في ثناياها وملامحها التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية، وللأسف بمشاركة ومباركة عربية، ولذلك تنتصب أمام شعبنا وقيادتنا الفلسطينية تحديات ومخاطر حقيقية، ولذلك على المتحاورين في القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، ان يكونوا على قدر عالي من المسؤولية، بحيث يجري ترتيب بيتنا الداخلي وتصليب جبهتنا الداخلية، عبر رؤيا واستراتيجية موحدتين، وبرنامج وطني توافقي قائم على أساس الدولة الفلسطينية الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية عام 1967، وضمان حق العودة للاجئي شعبنا وفق القرار الأممي (194).

محظور على فصائلنا في القاهرة، الفشل واستمرار الإنقسام، فالفشل واستمرار الإنقسام، تعني الكارثة والدمار والخسارة للجميع، المطلوب وحدة وانهاء الإنقسام، نحن أمام مخاطر وتحديات كبيرة، فهل يعني قادتنا ذلك؟؟.