شبكة قدس الإخبارية

غزة تواجه الجرائم الإلكترونية.. من الضحية هذه المرة؟

محمد سكيك

غزة - خاص قدس الإخبارية: أحيانًا استغلال حاجة الشخص لأبسط الأمور، التي يفقد المال قيمته مقارنة بها، تصبح مدخلًا لعملية احتيال وابتزاز، 3000 دولار كتذكرة للرحيلِ إلى أوروبا، بالنسبة للسوريين الذين ينون شراء أمنهم والهروب من بلاد الحروب إلى مقرات الملاذ الآمن جعلتهم يقعون فريسة جرائم إلكترونية.

المدان (م.ع) بدأ التخطيط لجرائمه التي ارتكبها بحق هؤلاء السوريين، فدشن صفحةً وهمية على موقع فيسبوك باسم "المفوضية الأوروبية للاجئين" ليقدم عروضه الوهمية وبنصف السعر الحقيقي مقابل توفير الهجرة.

فالمواطن السوري يحتاج لمبلغ يتجاوز 6000 دولار للفرد الواحد ليتمكن من النزوح من بلاده نحو تركيا ثم يتبعها سفر غير شرعي لدول أوروبا للهروب من الحروب التي تعصف ببلاده.

المنتصف

نصف الثمن جذبت الكثيرين من السوريين، حيث بدأ المئات منهم بالتواصل مع المجرم (م.ع) للسؤال عن آليات وطرق الهجرة والتكاليف التي بدأ بعرضها تدريجياً عبر صفحته على فيسبوك ليبدأ بنهب الأموال بشكلٍ احترافي.

بقي كل من دفع الأموال ينتظر بشغف وصول الأوراق الرسمية، بعد أن جهز نفسه للسفر، لكن دون جدوى، ووسط مماطلة وتسويف من المدان، الأمر الذي دفعهم للتحري عن مسؤول الصفحة ليُكتشف أنه من غزة.

دائرة المصادر الفنية التابعة للمباحث العامة في غزة تمكنت من القبض على المدان والتحقيق معه بعد أن بادر ثلاثة سوريين يقطنون سوريا ومصر بتقديم الشكاوى الرسمية بحقه ليتم تأكيد هويته وملاحقته وتوجيه التهم له.

مدير دائرة المصادر الفنية في المباحث العامة الرائد تامر سمور، يقول إن العملية في بدايتها كانت معقدة، فالولوج إلى صفحة فيسبوك فيه بعض الصعوبة للوصول إلى المتحكم الرسمي بها، لكن الأمر كان أشبه بالتحدي الذي تم انجازه، حسب تعبيره.

ويوضح سمور لـ قدس الإخبارية أن الدائرة تعاملت بالشكوى، ورصدت الصفحة وتابعتها حتى وصلت إلى من يقف خلفها وتبين أنه من غزة، وأنه احتال على الكثيرين في وسائل الكسب غير المشروع مقابل أوهام.

المدان بعد إلقاء القبض عليه تم تحويله مباشرة إلى النيابة العامة، والتي أحالت قضيته للقضاء لاستكمال الاجراءات القانونية وإصدار الأحكام المستحقة له، واسترداد الأموال للمشتكين ومنهم مواطنة سورية مقيمة في مصر احتال عليها بمبلغ 3150 دولار.

الجرائم الإلكترونية

الرائد سمور يتحدث عن تخصصية دائرته فيقول، "الجرائم الإلكترونية، وسوء استخدام التكنولوجيا هو كل فعل ضار يرتكب ضد الغير من خلال الأجهزة والبرامج والتطبيقات ومهمتنا تكمن في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وإرجاع الحقوق لأصحابها".

ويبين سمور لـ قدس الإخبارية، أن دائرته تنقسم إلى شقين جانب يتعلق بالقضايا الإلكترونية وآخر بالجانب الفني، موضحاً أن كل قضية يتم حلها وفقًا لطبيعتها سواء أكانت مالية أم ابتزاز وذلك بمتابعة الأمر مع شركات الاتصالات والنيابة.

ويلفت إلى أن الشكاوى المتعلقة بالجرائم الالكترونية كانت في السابق تُقدم في النيابة ثم يتم تحويلها إلى دائرة المصادر الفنية للتعامل معها، لافتاً إلى أنه تم تطوير آلية العمل بحيث تم افتتاح أقسام فنية في كل محافظة لاستقبال الشكاوي والتعامل معها.

وينوه سمور أن مفتش تحقيق الشرطة هو من يستقبل الشكاوى، ومن ثم يتم تحويل القضية لوكيل النيابة، مبيناً أن الشكوى إذا كانت تطابق المعايير الموضوعة يُخاطب الوكيل، مدير المصادر الفنية في المحافظة لحل القضية.

ويوضح أن خطوات العمل في الدائرة تتمثل في الجانب الاستدراجي للمتهم ومن ثم الاختراق لأجهزته الالكترونية وجمع المعلومات الضرورية، وإجراءات متابعات فنية معينة.

ويتابع سمور حديثه لـ قدس الإخبارية، "ومن ثم يباشر الضابط المسؤول متابعة القضية وأخذ الإجراءات الكاملة والإثبات الفني اللازم، وكافة الإفادات، وكامل مرفقات الملف وكافة المضبوطات"، مبيناً أنه عند انتهاء الدائرة من ملف القضية يتم إحالته للنيابة.

صعوبات وتحديات

وعن الصعوبات التي تواجهها الدائرة خلال عملها، يبين أن دائرته تتلقى 10 شكاوٍ على الأقل يومياً تتعلق بسرقة الهواتف النقالة، مشيراً إلى أن قلة المعلومات التي تقدمها شركة جوال تحول دون حل العديد منها، حسب قوله.

ويضيف سمور، "شركة جوال تمتلك قواعد بيانات ضخمة من شأنها مساعدتنا في حل الكثير من الجرائم لكن ما تزودنا به بيانات بسيطة جداً"، مردفاً، "فتقدم لنا اسم صاحب الشريحة ومعلومات الرصيد والنقاط فقط وهذا غالباً لا يفيد عملنا".

ويردف سمور لـ قدس الإخبارية، "نحن الآن في إطار إطلاق مشروع على مستوى القطاع يشمل برنامج محوسب لجميع معارض الجوالات" (..) إن البرنامج يكوّن قاعدة بيانات لجميع الأجهزة التي يتم إدخال بيانات بيعها من قبل أصحاب المعارض".

ويؤكد أنه بالاعتماد على هذا البرنامج يكمن الاستغناء عن الاستعانة بشركة جوال، مشيراً إلى أن ذلك يمّكن دائرته من الوصول للأجهزة المسروقة بسرعة وبسهولة كبيرة دون عناء يذكر.

وعن طريقة الوصول للأجهزة في حال السرقة، يشار إلى ضرورة ربط هاتف الآيفون بموقع آي كلاود، بحيث إذا تعرض للسرقة فيقوم بإرسال رسالة برقم أول الشريحة يتم وضعها في الجاهز إلى الرقم البديل المحدد من قبل صاحب الجهاز الأصلي.

وينصح سمور المواطنين بضرورة تجنب حفظ الصور والفيديوهات التي يمكن أن تعرضهم للابتزاز من قبل السارقين في حال تعرضهم لذلك، منوهاً إلى إمكانيتهم حفظ تلك الأشياء في ميموري خارجية أو قرص صلب خارجي يحفظ بعيداً عن الاستعمال العادي.

مهام وحماية

الناطق باسم الشرطة الفلسطينية في غزة أيمن البطنيجي يقول لـ قدس الإخبارية إن "دائرة المصادر الفنية التابع للمباحث العامة تستقبل شكاوى المتضررين من الداخل والخارج الخاصة بالابتزاز الالكتروني وبعض سرقات الصفحات الشخصية".

ويؤكد البطنيجي تزايد أعداد الشكاوى مؤخراً نظراً لازدياد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مبيناً وجود مكتب لاستقبال الشكاوي في مقر موقع الشرطة الفلسطينية "مدينة عرفات" غرب غزة.

ويوضح أن الدائرة استطاعت -على الصعيدين المحلي والعربي- استطاعت حل قضايا من دول عربية وأخرى أوروبية وردّ الحقوق لأصحابها.

ويشير أيضاً إلى أن مواضيع المعاكسات والسرقات التي تحدث يتم معالجاتهم من خلال الدائرة، معبراً عن أسفه لعدم وجود اهتمام كاف من قبل وزارة الداخلية وتقصيرها في تطوير دائرة المصادر الفنية ودعمها.

ويشدد على وجوب تقديم الدعم المادي والبشري لها لمواجهة الجرائم الإلكترونية، مؤكداً أن الدائرة تتعامل مع كافة القضايا بشرط أن تكون هناك شكوى رسمية مقدمة عن طريق الموقع الالكتروني للشرطة أو عن طريق الشكوى في مكتب المصادر الفنية.