شبكة قدس الإخبارية

إغلاق الطرق بين الخطأ والصواب

سامر عطياني

منذ إعلان الأسرى في سجون العدو الصهيوني الإضراب المفتوح عن الطعام طلبا للكرامة ولاشيء غير الكرامة، اختلفت طرق أبناء شعبنا في التضامن معهم، وبالتأكيد كلها جيدة سواء اختلفنا مع هذه الطرق أو اتفقنا، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، فهي بالنهاية فعل يضاف على الكم الثوري الضاغط على العدو والذي سيجبره على الرضوخ لمطالب الأسرى العادلة مهما طال تعنته وعناده.

اختلفت الأفكار والطرق على اختلاف الأشخاص، وكان التفاعل معها متفاوتاً، وإحدى هذه الطرق كانت إغلاق الشوارع الرئيسية في بعض المدن مثل رام الله ونابلس، وكان هذا بهدف لفت الانتباه لقضية الأسرى والتي وصلت إلى منحنى خطير جدا بعد تعديهم الشهر من الإضراب.

ولكن ردود الأفعال على هذا التصرف اختلفت واحتدت بين مؤيد ومعارض له، ومن هنا أود الحديث، عَلَّني استطيع توضيح صورة بسيطة.

أنا من مؤيدي هذا العمل وبالمطلق، مع العلم أن سلوك كهذا من الممكن أن يكون فيه نسبة من الخطأ، ومن الممكن أيضا أن يتضرر فيه بعض الناس ومصالحهم، سواء بالتأخير عن أعمالهم أو لقائهم لأحبتهم، أو خسائر مادية، ... الخ من الأضرار.

ولكن لماذا أنا مؤيد له ومعه على الرغم من هذه الأضرار؟!

بالنظر إلى الفعل فهو يُعَد وسيلة تضامنية تهدف إلى التذكير والتنويه أن هناك العديد من أبناء شعبنا أمضى سنوات وسنوات في السجون الصهيونية لم يلق أحبته بسبب منع العدو للزيارة، وبالتالي أصبح أداة تذكير.

كذلك، باستخدام هذا الأسلوب للفت النظر أن هناك أسرى أمضوا سنوات في السجون وتأخر الإفراج عنهم دون مسوغ أو رادع سوى ظلم العدو مما تسبب بتأخرهم عن أهلهم وعن حياتهم الطبيعية، يتيح لنا الفرصة الكاملة لنجرب جميعا شعور التأخير الحقيقي المفروض علينا بالقوة.

لننظر إلى أنفسنا، إن تأخرنا لأي سبب كان ولفترة بسيطة قد لا تتعدى بضع ساعات وأحيانا بضع دقائق نبدأ بالتذمر والشتم والعصبية الزائدة، ولذلك فل نسأل أنفسنا، يا تُرَى ما هو شعور الأسير الذي يَعُد الدقائق والثواني خلف قضبان السجن ينتظر رؤية  أبنائه وأحبته منذ سنين طويلة ولا يعلم متى سيراهم؟!

سأترك الإجابة لأهالي الأسرى والأسرى المحررين ليحاولوا نقل الشعور الذي ينتابهم، والضرر الواقع عليهم.

صديقي المعارض للإغلاق، تذكر جيدا حجم الضعف الرسمي المتضامن مع الأسرى وحجم فعلهم الذي يقترب من الصفر، لذلك اعلم أن الإغلاق هو إحدى أدوات الضغط الشعبية على المسؤولين لإجبارهم على التضامن مع الأسرى.

فعندما يرى المسؤول كمية الغضب الشعبي تجتاح الشوارع للتضامن مع الأسرى وأن زمام الأمور ستخرج عن سيطرته سيدفعه ذلك لاستخدم كل الطرق التي يملكها في إطار خيارين

الأول: قمع المتضامنين مع الأسرى وإفشال الإغلاق وبالتالي السقوط شعبيا.

والثاني: الانضمام لصفوف المتضامنين واستخدام صلاحياته كاملة لدفع عجلة التضامن للأمام وبالتالي سيرتقي وطنياً.

ومن هنا يستخدم هذا الأسلوب بطريقة حضارية لإجبار أصحاب النفوذ والقرار والقوة للانحياز للشعب.

لذلك صديقي المعارض، قبل أن تغضب وتبدأ بالشتم لإغلاق الشوارع، تذكر أنك لست وحدك المتضرر، وإننا كلنا متضررون من إغلاق الطرق والشوارع، ولكن لم نتضرر كالأسير الذي أتم ٣٢ يوما دون طعام، ولم نتضرر كالأسير الذي حرقت زهرة شبابه وهو يعيش في طي النسيان خلف قضبان سجون العدو.

وتذكر أيضا، مهما تضررنا لن نصل إلى ١% من الضرر الذي وصله الأسير بعد أن أفنى سنوات عمره خلف القضبان من أجل أن نسير أنا وأنت في الشوارع دون تأخير.

لنتأخر هذه المرة ونقف وقفة كرامة لأن الحياة وقفة عز... لنقفها جميعا.