شبكة قدس الإخبارية

العصيان المدني والكفاح المسلح

حمزة العقرباوي
أُعلن بدء الخطوة الثانية من الكفاح بتاريخ 1551936، وهي خطوة العصيان المدني تحت شعار "لا ضرائب بلا تمثيل"، في الوقت الذي لا تزال البلاد تمضي بإضرابها حتى تحقيق مطالبها بايقاف الهجرة الصهيونية ومنع انتقال الأراضي العربية لليهود. وصارت المظاهرات الحاشدة عنوان هذه المرحلة، حَيثُ تَحتَشدُ الجماهير في المدن مُنددة بسياسة بريطانيا تجاه القضية الفلسطينية. وصار هُتاف المرحلة (بريطانيا أصل الداء.. وأساس كُل بلاء). وعلت صيحات الجماهير في المسيرات داعية للثورة وحمل السلاح ومواجهة الخطر الصهيوني والتآمر البريطاني هاتفة: " يسقط يسقط وعد بلفور". وتغنى الناس بأبيات شاعر الثورة الشهيد إبراهيم نوح: يا مستر دل بلغ حكومتك .. لندن مربط خيلنا وعبّرت القيادة الوطنية عن توجه الشارع برسالتها للمندوب السامي: "لقد سلكنا جميع الأساليب في اقناعكم بحقنا من دون جدوى، فجعلتمونا نؤمن بأن طلب الموت هو الذي يمنحنا الحياة. سنثابر إلى النهاية فإما فناءُ المدافعين الشرفاء ونروح شهداء ولنا المجد والخلود، وإما حياة العز والكرامة...". ودُقت طبول الحرب وتنادى الشباب للكفاح وبدأت البلاد تموج بالغضب. وصارت الأخبار تتوالى تباعاً عن الاشتباكات والمعارك في كُل فلسطين. وتشكلت فصائل الثورة في المدن والأرياف، وبدأ التجنيد وحشد الطاقات وتنظيم صفوف الثورة. وظهر عشرات الأبطال الذين قادوا الفصائل والمعارك خلال هذه الفترة. وبادر الشباب لمهاجمة المُستعمرات وتخريب البيارات والمزارع الصهيونية، واغلاق الطرق العامة ومهاجمة المخافر ومراكز الحكومة وتعطيل الحياة العامة وقطع أسلاك الهاتف وتفجير سكة الحديد. واطلاق النار على الدوريات وارتال الجيش في المدن وعلى الطرقات. وتسارع الفلسطينيون من كُل الأعمار رجالاً ونساءً لتغذية ثورة الحُرية بدمائهم وبطولاتهم الفريدة. على الرغم من قلة الامكانيات مُقارنة بما يمتلك اليهود من أسلحة تم تهريبها أوتصنيعها  في ظل دعم  وتواطئ بريطاني وغربي. وتشكلت لجان التضامن في الدولة العربية لإغاثة المتضررين وأسر الشهداء وإرسال المعونات والمتطوعين لأجل فلسطين. وكان الدور الأبرز للعراق ثم سوريا والأردن، وأقبل المتطوعون العرب للمشاركة في الثورة وعلى رأسهم فوزي القاوقجي ليكون قائداً للثورة في فلسطين وذلك في 22/8/1936. وقد سطر الفلسطينيون خلال المرحلة الأولى من الثورة ملاحم فريدة ومعارك ملحمية كثيرة، وامتدت الثورة وصارت حالة عامة في كل البلاد. وانتقل مركز الفعل من المدن إلى الأرياف، حيثُ بدأت ساحة المعركة ممتدة ومفتوحة على طول فلسطين. وقد سُجلت عشرات المعارك خلال تلك المرحلة من عُمر الثورة، ومن أشهر تلك المعارك: عملية سينما أديسون في القدس 17/5/1936، معركة المنطار الأولى (لية بلعا) 21/6/1936، معركة وادي عزون 26/6/1936، معركة الفندقومية 30/6/1936، معركة باب الواد 26/7/1936، معركة صفد 9/8/1936، معركة المنطار الثانية (لية بلعا) 3/9/1936، معركة حلحول 24/9/1936، معركة جبع 24/9/1936، معركة ومعركة بيت امرين 29/9/1936، معركة الخضر 6/10/1936، معركة كفر صور 8/10/1936. وبتوقف الإضراب في 13/10/1936 بعد الوساطة العربية لأجل قدوم لجنة التحقيق البريطانية في الأحداث والبحث في مطالب العرب، أُنهيت المرحلة الأولى من الثورة وتفرق الثوار وَخَفَتَ صوت أزير الرصاص وعاد المتطوعون العرب الذين دخلوا فلسطين لأجل الحرب إلى بلادهم، وغادر فوزي القاوقجي وقيادة الثورة الفلسطينية البلاد نحو شرق الأردن ومنها إلى سوريا وذلك بعد مُحاصرتهم بالقرب من طوباس-قباطية في 25101936، وصار الهدوء والترقب سيد الموقف إلا من بعض المعارك والمواجهات الصغيرة.