شبكة قدس الإخبارية

#مليون_سنة_أسر.. تحدي الموجة الإذاعية الأطول في العالم

مصطفى البنا

غزة - خاص قدس الإخبارية: على مدار 50 عامًا متواصلةً لم تفرغ فيها سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين، الذين ما أن يغادر عددٌ منهم حتى يحل آخرون ضيوفًا على قبور الأحياء، حتى وصل عددهم إلى مليون أسير فلسطيني، وهو ما كان سر تسمية أطول موجة إذاعية بـ #مليون_سنة_أسر.

محمد هنية وفاطمة القاضي، إعلاميان من قطاع غزة عَملا على مدار 4 شهور مع فريق متكامل على الإعداد لأطول موجة إذاعية في العالم، ليدخلا فيها سباق موسوعة جينيس لتحقيق الأرقام القياسية، لتسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين، وإيصالها إلى العالم.

انطلق بث الموجة التي أشرف عليها مكتب إعلام الأسرى في الساعة الرابعة عصرًا من مساء يوم السبت 15 نيسان الجاري في استديوهات إذاعة "طيف" المحلية، وتوقف عدادها في تمام العاشرة صباحًا من يوم الثلاثاء 18 من ذات الشهر، لتسجل 65 ساعة بث متواصلة ودون انقطاع، محققةً بذلك الرقم القياسي الأعلى في العالم.

كانت التجربة قاسيةً وصعبة، لكنها كانت مفعمةً بالتحدي والإصرار على إتمام التحدي من ناحية، وإيصال صوت الأسرى ومعاناتهم من ناحية أخرى، يقول محمد هنية في حديثه لـ قدس الإخبارية، في مستعرض حديثه عن الموجة، الذي أكد بأن اهتمام الأسرى ومتابعتهم المستمرة، إضافةً إلى رسائلهم التي وصلت من داخل السجون، كانت من أهم أسباب الصمود والاستمرار في الموجة.

يشير محمد أن أصعب اللحظات التي مرّا بها كانت في اليوم الثاني، حين اشتد التعب وتملكهما بشكل واضح، لكنه يذكر أن نداءات الصبر التي أرسلها الأسرى من داخل السجون كانت سندًا ودافعًا للاستمرار، برغم اشتهاء الراحة والنوم التي شعرا بها في تلك اللحظات.

أما فاطمة التي ناظرتها داخل الاستديو في الدقائق الأخيرة قبل انتهاء الموجة، وكان باديًا عليها آثار التعب والإجهاد الشديد الذي وصل إلى ذروته، تصف تلك اللحظة بالقول إنها أشبه بعرس الأسير الفلسطيني حين يخرج من سجنه ليلتقي بأهله وذويه الذين يستقبلونه بأشكال الفرح شتى، تضيف قائلةً :" لقد كانت تجربةً مصغرة لما يعانيه الأسير داخل سجنه، حين لا يعرف ليله من نهاره، ولا يرى من العالم سوى الجدران الأربع، ناهيك عن مواعيد الراحة والطعام التي يحددها سجّانوه".

تضيف فاطمة في حديثها مع قدس الإخبارية بأن الموجة اهتمت بكل المواضيع المتعلقة بالأسرى، ومنها الأسيرات والأسرى الأطفال والمعزولون والقدامى والأسرى الجرحى، وأسرى الأراضي المحتلة والأسرى العرب، كما تطرقت الموجة إلى الجوانب القانونية التي تنص عليها المواثيق والمعاهدات والتشريعات الدولية بخصوص الأسرى وأوضاعهم وظروفهم، تكمل فاطمة حديثها "لقد كنّا نعِد الموجة لتكون وسيلةً تصحصح صورة الأسرى وأوضاعهم في نظر العالم الذي يعتقد بأنهم معتقلون لأسباب جنائية أو إرهابية".

أحمد العمريطي المشرف على فريق الإعداد للموجة الإذاعية، أشار في حديث مع قدس الإخبارية أن فريقًا متكاملًا عمل على إعداد برنامج الموجة، مضيفًا "قمنا ببث 140 تقريرًا صحفيًا، ناقشت 65 منها قضية الأسرى، فيما تطرقت البقية قضايا فلسطينية أخرى، كالحصار على غزة وأزمة الكهرباء والأوضاع الإنسانية المختلفة".

واستضافت الموجة وفقًا للعمريطي قرابة 200 شخصيةً من قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة، ومن خارج فلسطين، تنوعوا ما بين سياسيين ومحليين وحقوقيين واقتصاديين، كان أبرزهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل والناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة، والذي ألقى رسالته الخاصة عبر الموجة في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني.

شروط موسوعة غينيس للأرقام القياسية كان بحد ذاتها تحد قاس أمام الموجة، إذ تشترط أن تناقش أكثر من موضوع، وتحظر على المذيع التوقف عن الحديث لمدة طويلة، إذ يتوجب على المذيعان أن يقاطع كلٌ منهما الآخر كل عشر ثوان، كما وكان عليهما مقاطعة ضيوفهما كل دقيقة، كما وشملت الشروط بث تقرير مسجل مدته 8 دقائق في كل ساعة بث، وألا يترك المذيعان الهواء لأكثر من 10 ثوان.

وطلبت غينيس التي تعتبر غزةً مدينةً غير آمنة، توثيق الحديث بوجود لجنة تحكيم خاصة من المؤسسات الحقوقية، حيث طالبت بوجود شاهدين كل أربع ساعات، وكاميرتان مثبتتان على المقدمين، وأخرى على لجنة التحكيم، وإرفاق الصور والفيديوهات جميعها.

دينا فروانة إحدى المراقبين من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، تقول في حوار مع قدس الإخبارية أن مشاركتها مع طاقم من 5 أفراد من المرصد في المراقبة على الموجة الإذاعية، يعد جزءً من عمل المرصد لدعم المبادرات التي تهدف لرفع صوت المظلومين وأصحاب الحقوق المنتهكة، "ولأن قضية الأسرى من القضايا التي نعمل على إبقائها حاضرة.".

تؤكد فروانة أنهم رصدوا التزامًا كبيرًا من المذيعين بالشروط والبنود التي وضعها غينيس، وأنها كانا مسؤولان عن الحديث طوال الموجة حتى آخر لحظة، رغم التعب الشديد الذي بدا عليهما، كاشفةً أن التقارير النهائية التي تمت صياغتها من لجان المراقبة كانت إيجابيةً جدًا.

بإمكانكم متابعة المقابلة التي أجرتها شبكة قدس مع الإعلاميين محمد هنية وفاطمة القاضي في الفيديو التالي..