شبكة قدس الإخبارية

ابن الأغوار أكبر من قراكم الشعبية

حمزة زبيدات

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: المقاومة الشعبية بمضمونها الحالي هي الكذب الذي نحترمه خجلا والذي نخاف منه أكثر مما نخاف عليه، وأقول نخاف عليه احتراما وخجلا من الشهداء المخلصين الذين ارتقوا من أجل الحياة والإنسانية وضد الاحتلال في نشاطات المقاومة الشعبية الرسمية.

نحن لا نحتاج لمثل هذه المقاومة، ما نحن بحاجة إليه هو برنامج وطني حقيقي واستراتيجية نضالية تقدمية وشجاعة يشارك فيها الجميع لمقارعة وجوه الاحتلال المختلفة، لا أن نقوم فقط باستعراضات وحركات وأنشطة فهلوية لا قيمة لها ولا نفع، بل إن ضررها أكثر من نفعها، ولا أريد أن أقول لكم ما قاله لي ساكن تلك المنطقة التي أقيمت فيها مسرحية النضال الكاذب في الأغوار اليوم.

لذلك أقول وبحذر أخلاقي وإنساني، إلى إخواننا في لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية وشركائهم الإسرائيليين الذين حضروا (ولا أدري إن كانوا قد حضروا بتنسيق أو بدون)، إنكم حينما تبدأون معركة في مكان ما وتتركونها لقدرها ولغطرسة المستوطنين، فإنكم بذلك تظلمون أهل المكان أكثر مما تنفعونهم.

المقاومة الشعبية تعني قبل كل شيء أن يتمكن أهل المكان من المكان، وأن تكون المناصرة من مناطق أخرى مناصرة ودعماً وليس كما فعلتم اليوم، استعراضا وتهكما على الحقيقة، والمقاومة الشعبيىة تعني أن يؤمن الإنسان بأن الإنسان هو القضية.

الحقيقة:

لجان المقاومة الشعبية الرسمية (من رام الله الرسمية) التي لم يعد لها أي دور مركزي، ولا مبرر لوجودها، تقوم اليوم ببناء خيمة مقابل خيام أخرى بناها المستوطنون في الأغوار الشمالية، وهي خطوة جميلة وشجاعة من حيث المبدأ، إلا أنها وكالعادة تخذل الفكرة التي أقيمت من أجلها، فبعد ساعات قليلة من الانطلاق واستقدام جيش الاحتلال، وبعد الكثير من أغنيات تصدح بذكرى القائد الفلاني أو العلاني، وبعد القليل من المسؤولية ينسحب الجميع، أو بالأحرى يهرب الجميع، هكذا إذن انتهت المهمة التي جاؤوا من أجلها، وهكذا انتهى يوم عمل من الأيام.

صور وفيديوهات ووكالات أنباء وأخبار وكلام فارغ في التاريخ السيء من سيرة هذه القضية العادلة، هكذا إذن بدأت معركة وهمية وانتهت، وكأن شيئاً لم يكن، ككل معارك هذه الثورة الوهمية والخرافية التي كانت كذبة كبيرة صدقناها حينما كنا أطفالا، سذجا نعتقد أن أبو فلان هو سوبرمان.

وغدا صباحا سيعود المستعمرون لاستكمال توسعهم الاستيطاني، وسيعود أبو رسمي ساكن المنطقة لآلامه اليوميه وتحدياته للأعداء، ولكن هذه المرة سيكون أبو رسمي وحيدا، وسيعود المسؤولون وجماعة الياقات وربطات العنق إلى مكاتبهم الفارهة فرحين بشمس الأغوار اللطيفة والصور والإعلام.

بالمناسبة، هؤلاء لا يأتون إلى الأغوار إلا حينما يكون الجو لطيفا، أما في أيام الحر الشديد فإنهم يهربون منذ الصباح إلى مكاتبهم المكيفة ولا يخرجون منها، وسأعود أنا إلى الملاحقة الأمنية العادية من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، التي تلاحقني كلما كتبت كلمة عن ظلمهم وإجحافهم بحق شعبنا المظلوم، لكن الحقيقة، كل الحقيقة للجماهير، هي عنواني ولا أبالي.

كل هذه المسرحية كذب، إن كوب ماء يروي عطش أغنام اهل المنطقة أكثر نفعا من كل ما كان، ومن كل ما يمكن أن يكون على شاكلة العمل الرسمي الفلسطيني، وإلى كل أولئك الذين هددوني مؤخراً بمقاضاتي بسبب هذا الكلام، أقول لكم "إن السجن الظالم أرحم من الاستسلام والخنوع".